وأمَّا الموقوفُ على بعضِ الصحابةِ -رضيَ اللهُ تعالى عنهمْ- مثلَ أَنْ يقولَ بعضُهم قولًا؛ أو يفعلَ فِعْلاً، فإنِ انتشرَ قولُه أو فعلُه في علماءِ الصحابةِ، وسكتوا عن مخالفتهِ والإنكارِ عليه، فهو حُجة يجبُ العملُ بها؛ خِلافاً لداودَ؛ لأنَّ العادَةَ في أهلِ الاجتهاد إذا سمعوا جَواباً في حادثةٍ حَدَثَتْ، اجتهدوا، وأَظْهروا ما عندَهُم، فإذا لم يُظهروا الخِلافَ، دَلَّ على أنهم قد رَضُوا بذلك.
واختلفوا فيه: هلْ يكونُ إجماعاً؟
فقالَ فريقٌ من الشافِعِيَّةِ: يكونُ إجماعاً.
ويروى عن أبي حنيفةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى.
وقال فريقٌ منهمْ: لا يكونُ إجماعًا، ونُسِبَ إلى الشافعيِّ -رحمهُ اللهُ تَعالى- في قوله الجديدِ (١).

= انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: ١٥٩)، و "المحصول" للرازي (٤/ ٤٥٤)، و "الإحكام" للآمدي (١/ ٢/ ١٣٦)، و "علوم الحديث" لابن الصلاح (ص: ٥٣)، و "بيان المختصر" للأصفهاني (١/ ٤٢٥)، و "البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٤٠٤)، و "شرح علل التِّرمذيُّ" لابن رجب (١/ ٢٩٢)، و "فتح المغيث" للعراقي (ص: ٦٥)، و "فتح المغيث" للسخاوي (١/ ١٦١)، و "ظفر الأماني" للتهانوي (ص: (٣٤٧)، و "منهج النقد" للدكتور عتر (ص: ٣٧١).
(١) إن هذه الحالة من قول الصحابي، وهو إذا قال قولاً واشتهر، ولم يعرف له مخالف، وكذلك إذا كان من مجتهدي غير الصّحابة، وهو ما يسمى بالإجماع السكوتي، فالخلاف فيها على مذاهب، أهمها:
الأول: أنَّه ليس حجة ولا إجماعاً، وقد حكي هذا عن داود، وعن الإمام الشَّافعي.
الثَّاني: هو إجماع وحجة، وهو مذهب أكثر الحنفية، وأكثر المالكية، والكثير من أصحاب الشَّافعي.=


الصفحة التالية
Icon