(القول في القياس)
فصل: اعلموا (١) -رحمكمُ اللهُ الكريم وإياي-: أن اللهَ سبحانه أنعمَ على عِباده، ومَنَّ عليهم، فركَّبَ فيهم عقولاً دلَّهم بها على الفرقِ بين المُخْتَلِفِ، والجَمْعِ بين المُؤْتَلِفِ، ونصبَ لهم إلى دَرْكِ الصوابِ علاماتٍ يأتمُّون بها، بدلالاتٍ (٢) يهتدون بها، فقال جل جلاله: ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [النحل: ١٦] ليبتليهم (٣)، فإن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطؤوا فلهم أجز واحدٌ، فما أعظمها (٤) من نعمةٍ يثابُ العبد مع (٥) الخطأ فيها! فلله الحمدُ والشكرُ عليها.
وقد كثرت أقوالُ العلماءِ في حدِّ القياس.
فقال الشافعيُّ: هو الاجتهادُ (٦).
وقال غيره (٧): هو فعلُ القياس (٨)، وقيلَ غيرُ ذلك.

(١) في "ب": "ثم اعلموا".
(٢) في "ب": "ودلالات".
(٣) في "ب": "ليبتلينّهم".
(٤) في "ب": "فأعظم بها".
(٥) في "أ": "على".
(٦) انظر: "الرسالة" للإمام الشَّافعي (ص: ٤٧٧).
(٧) هو الصَّيْرفيُّ، انظر: "البحر المحيط" للزركشي (٥/ ٦).
(٨) كذا في "أ" و "ب"، والصَّواب: هو فعل القائس. كما في "اللمع" للشيرازي =


الصفحة التالية
Icon