- هذا النوعَ من اللغةِ: أصولَ اللُّغَةِ، وسَمَّى غيرَهُ: فَروعَ اللغةِ.
ولما كانَ لاَ تَتِمُّ معرفةُ خِطابِ اللهِ -جَلَّ جلاَلهُ- إلا ببَيانِ رَسولِ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسَلَّم- كَمَا قَدَّمْتُ، وكان فِي السُّنَّةِ علَلٌ لا تَتَعَلَّقُ باللُّغَةِ= وضعَ أهلُ العلمِ للمعارَضَةِ الصحيحة (١) عِلمَ النَّسْخِ، وَبيَّنوا عِلَل السُّنَّةِ، وقَسَّموها أَقْساماً وأنواعاً.
ولما كانتِ الألفاظُ لا تَفي بالحوادِثِ، نَصبَ الشارعُ علاماتٍ وأَماراتٍ يَهتدي بها أهلُ العِلم إلى اسْتِنْباطِ الأَحكامِ، فوضعوا لذلك عِلْمَ الِقياسِ، وبينوا قَوِيَّهُ وضَعيِفَهُ، وصَحيحَهُ وفاسِدَهُ، ورِاجحَهُ وأَرْجَحَهُ، وصَحيحَهُ وأَصَحَّهُ، وسَمَّوا جميعَ هذهِ الجُملِ المذكورةِ: أَصولَ الفِقْهِ.
وحقيقته حينَئِذٍ أنه: قوانينُ كلِّيَّة يُتَوَصَّلُ بها إلى استخراجِ الأحكامِ الشرعيةِ.
* وسأُبيِّنُ ما أَشَرْتُ إليهِ من صنوفِ هذهِ اللُّغَةِ الشريفة بمقدمةٍ ينتفعُ بها طالبُ هذا النحوِ، ويستدلُّ بها على ما وراءها من معاني اللغةِ، فوراءَ ذلكَ ما لا يُحْصَى.
قالَ الشافعيُّ: ولا نعلمُ أحداً يُحيطُ بجميعِ علم (٢) لسانِ العربِ غيرَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم- ولكنَّه لا يذهبُ منه شيءٌ على عامتها، حَتَّى لا يكونَ فيها موجودٌ من لا يعرفها، كما نَقولُ في عِلْمِ السُّنَّةِ (٣).
* * *

(١) في "ب": "الصريحة".
(٢) "علم" ليست في "أ".
(٣) انظر: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص: ٤٢).


الصفحة التالية
Icon