* فعلى قولِ ابنِ عباسٍ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما- في الآيةِ دليلٌ على أنْ المصليَ إذا صلَّى بالاجتهادِ، ثم تبينَ لهُ الخطأ، لا إعادةَ عليه. وبهذا قال جمهورُ أهلِ العلم.
وقال قومٌ (١): عليهِ الإعادةُ قياسًا على من أخطأ في الوقت، وصلَّى قبلَهُ؛ إذْ عليهِ الإعادةُ اتِّفاقًا.
وللشافعيِّ قولٌ -مع هذا- أَنَّهُ إذا تيقَّنَ الخطأَ، وتيقَّنَ الصَّوابَ، فعليه الإعادةُ (٢).
* وعلى قولِ ابنِ عمرَ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما- في الآيةِ دليل على جوازِ صلاةِ التطوُّعِ إلى غيرِ جِهَةِ الِقبْلَةِ للمسافِرِ، وقد ثبَتَ ذلكَ من فِعْلِهِ - ﷺ - (٣).
وأما من قالَ: إنها ناسخةٌ (٤)، قال: هي ناسخةٌ للصَّلاةِ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ؛ لأن اليهودَ أنكروا رُجوعَ النبيِّ - ﷺ - إلى الكَعْبَةِ، وتركَه بيتَ المقدسِ، وقالوا: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ [البقرة: ١٤٢]،

(١) هم الشافعية، إلا أن المعتمد عندهم: أنه لا بدَّ أن يتيقن الخطأ ويتيقن الصواب، فعندها تجب عليه الإعادة.
انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (٣/ ٢٠٦)، و"مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٣٣٨).
وقال المالكية: يعيد وجوبًا إن تبين له الخطأ ما دام في الوقت. انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٥٥٤).
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (١/ ١٩١).
(٣) انظر تخريج الحديث المتقدم عند مسلم.
(٤) وقد روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو قول مجاهد والضحاك، وبقولهم قال ابن زيد.
انظر: "تفسير الطبري" (١/ ٥٠٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ١/ ٧٩)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ١٣١).


الصفحة التالية
Icon