وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [البقرة: ١٤٤].
أقولُ: أمرَ اللهُ -جلَّ جلالُهُ- نبيَّه - ﷺ -، وجميعَ المؤمنينَ بالتوجُّه إلى شطرِ المَسْجِدِ الحرامِ.
* والمسجدُ الحرامُ يقعُ على البيت (١)، ويقعُ على مَكَّةَ.
قال اللهُ سبحانَهُ وتعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الإسراء: ١]، وكان مَسْراهُ من بيتهِ (٢)، كَما ورد في رواية أبي ذَرٍّ رضيَ اللهُ عنه (٣).
ويقع على جميعِ الحَرَمِ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨].
والمرادُ بالمسجدِ الحرام هنا (٤) الكعبةُ باتِّفاقِ المسلمين؛ لِما روى ابنُ عبّاسٍ -رضي الله عنهما-: أنَّ النبيَّ - ﷺ - لما دخلَ البيتَ (٥)، دعا في نواحيه كُلِّها، ولمْ يُصَلِّ فيهِ حتى خرجَ، فلما خرجَ ركعَ ركعتينِ في قبلِ الكعبةِ، ثم قال: "هذهِ القِبْلَةُ" (٦).
(٢) أي: وبيته كان في مكة.
(٣) رواه البخاري (٣١٦٤)، كتاب: الأنبياء، باب: ذكر إدريس عليه السلام، ومسلم (١٦٣)، كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله - ﷺ - إلى السماوات، وفرض الصلوات. عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر يحدث: أن رسول الله - ﷺ - قال: "فُرِجَ سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل - ﷺ - ففرج صدري... " الحديث.
(٤) يعني: في الآية التي يريد تفسيرها.
(٥) في "ب": "المسجد".
(٦) رواه البخاري (٣٨٩)، كتاب: القبلة، باب: قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾، ومسلم (١٣٣٠)، كتاب: الحج، باب: استحباب دخول الكعبة=