فهذا يكون مُشكِلاً مُجْمَلاً، لا يُعَرفُ مَعْناه من لفظِهِ، وإنما يعُرفُ المرادُ منهُ بِغيرهِ، إمّا من دليلٍ، أو قرينةٍ، أو شاهدِ حالٍ (١).
* ومن سُنَّةِ العَرَبِ في كلامِها -أَيْضاً- أَنْ تسميَ الشيءَ الواحدَ بالأسماءِ المختلفةِ؛ نحو: السَّيْفِ والمُهَنَّدِ والصّارِمِ والحُسامِ، وأَكْثَرُ أسماءِ الغَريب على ذلك، ويُسمَّى هذا الصنفُ: الأسماءَ المترادِفَةَ (٢).
فمذهبُ الأُصوليِّين واللُّغَويين أَنَّها أسماءٌ لمعنَى واحِدٍ.
وقال ثَعْلَبٌ: إنَّ الاسمَ منها واحدُ، وهو السيفُ مَثَلاً، وما بعدَهُ من الأسماءِ صفاتٌ لهُ باعتباراتٍ زائدةٍ على الاسمِ، وفي كلِّ صفَةٍ منها مَعْنًى غيرُ مَعْنى الصِّفةِ الأُخْرى.
واحتجَّ مَنْ خالَفَ ثَعْلَباً بأنهُ لو كانَ الأمرُ كما ذَكَر، لَما أمكَن أن يُعَبَّرَ عن شيءٍ بغيرِ عِبارَتِهِ، ولو كانَ ذلكَ كذلكَ، لم تُفْهَمِ اللغةُ، ولَمَّا رأيناهمْ يعبرونَ بِبَعْضها عن بَعْضٍ، دَلَّ على ما قلناهُ.
وأجيبَ بأنَّ هذه الأسماءَ ليستْ مختلِفةً متبايِنةً، فيلزمُ ما قالوه، وإنَّما في كلِّ واحدٍ منها مَعْنًى ليسَ في الآخَرِ، فَمِنْ أَجْلِ ذلكَ جازَ التعبيرُ ببعضِها عن بعضٍ من طريقِ المُشاكَلَةِ والاتفِّاقِ.
"الإحكام" للآمدي (١/ ٢/ ٢٦١)، و"نهاية السول" للإسنوي (١/ ٢٦١)، و"البحر المحيط" للزركشي (٢/ ١٣٢)، و"سلاسل الذهب" للزركشي (ص: ١٧٥)، و"المحلي مع حاشية البناني" (١/ ٢٩٦)، و"أصول السرخسي" (١/ ١٢٦).
(٢) انظر: "بيان المختصر" للأصفهاني (١/ ١٣٠)، و"نهاية السول" للإسنوي (١/ ٢٣٧)، و"البحر المحيط" للزركشي (٢/ ١٠٥).