تشهدُ بأنَّ مَنْ تَلَبّس بعبادةٍ، لزمه إتمامُها؛ كالحَجِّ والصَّوْمِ (١)؛ ولقولهِ (٢) تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٣].
- وقالت طائفةٌ: له أن يفطر، وهو قول الشَّعْبِيِّ، وإليه (٣) ذهب أحمدُ وإسحاقُ وداودُ والمُزَنِيُّ وابنُ المنذرِ، ولفظُ الكتابِ العزيزِ يحتملُ الأمرين، ويترجَّحُ الآخرُ منهما بما خَرَّجه أبو داودَ عن أبي بصْرَةَ الغِفاري: أنه لما تجاوزَ البيوت دعا بالسُّفرةِ، فقال راوي الحديث: فقلت: نرى البيوتَ، فقال: أترغبُ عن سنةِ رسول الله - ﷺ -؟ قال جعفرٌ: فأكلَ (٤).
الثالثة: -وهي عكسُ الثانيةِ-: منْ أصبحَ مُسافراً ثُمَّ أقام:
- ذهب الشافعيُّ ومالك إلى جواز تماديه على فِطرِه؛ لوجودِ السببِ (٥) المُبيح للفطر (٦).
- وذهبَ أبو حنيفةَ إلى وجُوبِ الإمساك؛ تغليباً للحَظْر على الإباحة، والعزيمةِ على الرخصة (٧).
(٢) في "أ": "لقوله".
(٣) في "ب": "وإلى هذا".
(٤) رواه أبو داود (٢٤١٢)، كتاب: الصوم، باب: متى يفطر المسافر إذا خرج، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢٤٦) عن جعفر بن جبر.
انظر هذه المسالة في: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١١٩)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٢٦٨)، و"رد المحتار" لابن عابدين (٣/ ٣٧٠)، و"التفريع" لابن الجلاب (١/ ٣٠٤)، و"البيان" للعمراني (٣/ ٤٧١)، و"المغني" لابن قدامة (٤/ ٣٤٦).
(٥) في "ب": "المسبب".
(٦) انظر: "التفريع" لابن الجلاب (١/ ٣٠٥)، و"البيان" للعمراني (٣/ ٤٧٢).
(٧) وهو قول الحنابلة. انظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٢/ ٢٨٩)، و"المحرر في =