صائِمٌ، فرجعتِ المرأةُ إلى زوجِها، فأخبرتهُ، فزاده ذلك شَرًّا، وقال: لَسْنا مثلَ رسول الله - ﷺ -، يُحِلُّ الله لِرَسولهِ ما شاء، فرجعت المرأةُ إلى أم سلمةَ، فوجدت رسولَ الله - ﷺ - عندها، فقالَ رسولُ اللهِ - ﷺ -: "ما بالُ هذهِ المرأة؟ "، فأخبرته أمُّ سلمةَ، فقال: "ألا أخبرتيها أَنِّي أفعلُ ذلكَ؟ "، فقالت (١) أم سلمة: قد أخبرتها، فذهبت إلى زوجها، فأخبرته، فزاده ذلك شرًا، وقال: لسنا مثلَ رسولِ الله - ﷺ -، يُحِلُّ الله لرسوله ما شاء، فغضبَ الرسولُ - ﷺ -، ثم قال: "واللهِ إنِّي لأَتقاكُم لله، وأَعْلَمُكُم بحُدودِه" (٢).
قال الشافعيُّ -رضيَ اللهُ تعالى عنه-: وقد سمعتُ من يصلُ هذا الحديثَ، ولا يحضرُني ذكرُ من وَصَله (٣).
الجملة الثانية: أحل الله -سبحانه- لنا الأكل والشربَ في ليلةِ الصيام بعد أن كانَ حَرامًا إلى أن يتبيَّنَ لنا طلوعُ الفجرِ الثاني، بل طلبهُ من فعلِنا ابتداءً من غير أن يتقدمَ الطلبَ تصريحٌ بقصدِ التحليلِ والإباحة كما فعل في تحليل الرفث. ئم بيَّنَ - ﷺ - عن الله تبارك وتعالى أنّ أمرَهُ وطلبه على الندب، فَكَرِهَ الوِصالَ (٤)، وحثَّ على تعجيل الإفطار، وحث على السَّحورِ، وعلى
(٢) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٢٩١)، ومن طريقه: الإمام الشافعي في "مسنده" (١/ ٢٤٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٩٤).
(٣) انظر: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص: ٤٠٥). قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٥/ ١٠٨): هذا الحديث مرسل عند جميع رواة الموطأ عن مالك. وهذا المعنى: أن رسول الله - ﷺ - كان يقبل وهو صائم، صحيح من حديث عائشة، وحديث أم سلمة، وحديث حفصة، يروى عنهنَّ كلهن، وعن غيرهن عن النبي - ﷺ - من وجوه ثابتة.
(٤) روى البخاري (١٨٦٤)، كتاب: الصوم، باب: التنكيل لمن أكثر الوصال، ومسلم (١١٠٣)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، من=