التخصيص بالفسق (١)، وهذا ما انتهى إليه فَهْمي.
وقد ظهر لكم ممّا ألحقته في كتابي من قول أبي عبدِ الله الشافعي أنه يوافق ما ذهبتُ إليه. وإن كانَ جميعُ منْ لقيتهُ من متفقهة الشافعية يعتقدُ خِلافَ ذلك عنه استحسانًا من نفسِه بغيرِ نَقْلٍ ولا دَليلٍ، كما اعتقده ابنُ خوازمنداد المالكي، وادَّعى ما ليسَ له عليه برهانٌ ولا دليل، فقال: الآيةُ منسوخةٌ؛ لأن الإجماعَ قد تقررَ بأن عدوًّا لو استولى على مكة، وقال: لا أُقَاتلكم، وأمنعكم من الحج، ولا أبرح (٢) من مكة، لوجب قتالُهُ، وإن لم يبدأْ بالقتال، فهي وغيرها من البلاد سواء، وإنما قيلَ فيها هي حرامٌ؛ تعظيمًا لها، ألا ترى أنَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - بعثَ خالدَ بنَ الوليدِ يومَ الفتحِ فقالَ: "احْصُدْهُمْ (٣) بالشَّيفِ حَتى تَلْقاني على الصَّفا"، حتى جاء العباس فقال: يا رسول الله! هلكت قريش، فلا قريش بعد اليوم (٤).
ألا ترى أنه قال في تعظيمها: "فلا يلتقطُ لُقَطَتَها إلا منشدٌ" (٥)؟ (٦) اللُّقَطَةُ
(٢) في "أ": "أخرج".
(٣) في "ب": "اجهدهم".
(٤) رواه مسلم (١٧٨٠)، كتاب: الجهاد والسير، باب: فتح مكة، عن أبي هريرة في حديث طويل. وقد ذكره المؤلف هاهنا بالمعنى.
(٥) رواه البخاري (٢٣٠١)، كتاب: اللقطة، باب: كيف تعرف لقطة أهل مكة، عن ابن عباس. وعنده "ولا تحل لقطتها إلا لمنشد".
(٦) في "ب" زيادة "و".