- وقال الشافعيُّ: يُقتل (١)؛ لما ذكرتُه عنهُ من التخصيصِ.
ويجاب عن هذه القراءة بأنه عَبَّرَ بالقتلِ عن القِتال؛ لأنه مسببُه، فهو من باب التعبير بالمسبَّبِ عن السَبَبِ (٢).
فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا﴾؟ قلنا: معناه -والله أعلم- انتهوا بتركِ الكفر (٣)، لا بتركِ القتالِ، استدلالًا بوعدِه بالمغفرة والرحمة، ولا يكونانِ إلا بتركِ الكفر، واقتصاصًا من قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨]، واستدلالًا بقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣]، وبقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨]، ولأن النبيّ - ﷺ - لم يقرَّ أحدًا من قريش على الكفر بعدما انتهوا عن القتال.
* * *
١٥ - (١٥) قوله جَلّ جلالُه: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٩٣].

= و"إعراب القرآن" للنحاس (١/ ٢٤٣)، و "التيسير" للداني (٨٠)، و"الكشاف" للزمخشري (١/ ١١٨)، و"معاني القرآن" للفراء (١/ ١١٦)، و"النشر" لابن الجزري (٢/ ٢٢٦). وانظر: "معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٤٩).
(١) وهو مذهب الإمام مالك. انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٤/ ٣٠٩)، و "المغني" لابن قدامة (١٢/ ٤١٠)، و"التفريع" لابن الجلاب (٢/ ٢١٧).
(٢) في "أ": "بالسبب من المسبب".
(٣) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (١/ ١٣٨)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٥٣)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٣٢٤)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٣٢٩/٢).


الصفحة التالية
Icon