النسخ لها، ودعوى كونِ الَّذينَ يبعثُ إليهم أهلَ أوثانٍ، باطِلَةٌ لا بُرهانَ لها، فقدْ كان النبيُّ - ﷺ - يبعثُ الأُمراءَ إلى أهلِ الكتابِ، فبعثَ معاذًا وأبا موسى وعليًا إلى اليمن، وكانوا أهل كتاب. وبعثَ خالدًا إلى دُومَةِ الجَنْدَلِ، وكانوا أهلَ كتابٍ. والله أعلم.
* * *
١٦ - (١٦) قوله جل ثناؤه: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٩٤].
* حرَّمَ اللهُ -سبحانه- علينا في غيرِ هذهِ الآيةِ القِتالَ في الشَّهرِ الحرام، فقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٧]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ [المائدة: ٢]، وسيأتي الكلام عليه -إن شاء الله تعالى- قريبًا.
وأباح لنا في هذه الآية أن نقاتلهم (١) في الشهرِ الحرامِ إنْ قاتلونا (٢) في الشهرِ الحرام، كما أباحَ لنا مُجازاتَهم بذلك في المسجدِ الحرام، فقال: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٤].
قال ابن عباسٍ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما-في روايةِ عَطاء: يريد: إن قاتلوكم في الشهر الحرام، فقاتلوهم في مثله. ثم عقبه الله سبحانه بلفظٍ يشملُ المسجدَ الحرامَ والشهرَ الحرام، فقال: ﴿وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ﴾ [البقرة: ١٩٤].
* ثم بيَّنَ ذلكَ القِصاصَ بيانًا عامًا، فقالَ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤]، ويندرج في هذا العموم جملة من المسائل:

(١) في "ب": "نقتلهم".
(٢) في "ب": "قتلونا".


الصفحة التالية
Icon