وسأبين ذلك كلَّه هاهنا بأمثلةٍ؛ لتعتبرَ بها أيُّها الأخ فيما يَرِدُ عليك إن شاء الله تعالى:
١ - فمثالُ ما وُجد فيه القولُ عن النبيِّ -صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّم- بيانُ حَدّ الرُّجوع:
روى مسلم في صحيحه: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وآله وسلم- قال للمتمتِّعين: "مَنْ كانَ معهُ هَدْيٌ فَلْيُهْدِ، ومَنْ لم يَجِدْ فَصِيامُ ثلاَثةِ أيامٍ في الحَجِّ، وسَبْعَةٍ إذا رَجَعَ إلى أَهْلِهِ" (١).
ووجِدَ أيضاً بيانُ حدِّ المِسكينِ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسَلَّم- وهو قوله: "الذي لاَ يِجدُ غنًى يُغْنِيْهِ" (٢).
٢ - ومثالُ الذي وُجِدَ فيه حَدٌّ من الصَّحابيِّ: قول الله -تبارك تعالى-: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] فرجعَ الشافعيُّ في بيانِه إلى قولِ ابن عُمَرَ وابنِ عَبّاس -رضيَ الله عنهم-: القَصْرُ في أَرْبَعَةِ بُرُدٍ (٣).

(١) رواه البخاري (١٦٠٦)، كتاب: الحج، باب: من ساق البدن معه، ومسلم (٢٢٧) كتاب: الحج، باب: وجوب الدم على المتمتع. عن ابن عمر رضي الله عنهما، في حديث طويل.
(٢) تقدم تخريجه قريباً.
(٣) رواه الإمام الشافعي في "مسنده" (١/ ٣٨٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ١٣٧)، وعلَّقه البخاري في "صحيحه" (١/ ٣٦٨).
والبُرُد: جمع بريد، وسكك البريد: كل سكة منها اثنا عشر ميلاً، والأربعةُ البرد: هي ستة عشر فرسخاً والفرسخ: ثلاثة أميال، والميل: أربعة آلاف ذراع، والسفر الذي يجوز فيه القصر: أربعة برد، وهي ثمانية وأربعون ميلاً بالأميال الهاشمية التي في طريق مكة. "اللسان" (مادة: برد) (٣/ ٨٦).


الصفحة التالية
Icon