وأرشدَ الناسَ عمرُ في آخرِ (١) كلامهِ إلى أفضلِ مراتبِ النُّسُكِ، وهو الإفرادُ، فجمعَ بين الحَثِّ على المنعِ من المتعةِ، وبينَ الترغيبِ في الفضيلة (٢)، ولقول عمر -رضي الله تعالى عنه -: متعتانِ كانَتا على عهدِ رسولِ الله - ﷺ -، وأنا أنهى عنهما، وأعاقبُ عليهما: متعةُ النساءِ، ومتعةُ الحجِّ (٣).
وأما الذي نهى عنه عثمانُ -رضي الله تعالى عنه -، فالظاهر أنه التمتعُ والقِران (٤)؛ لما روى مروان بن الحكم قال: شهدتُ عثمان وعَلِيًّا، وعثمانُ ينهى عن المتعة، وأن يُجْمَع بينَهُما، فلما رأى ذلك عليٌّ، أهلَّ بهما، وقال: لبيك بعمرةٍ وحجةٍ، وقال: ما كنتُ لأدعَ سنةَ النبيِّ - ﷺ - لقولِ أحدٍ (٥).
* واتفق العلماءُ على وجوبِ الهَدْي على المُتَمَتِّعِ؛ للآية (٦).
* وإنما اختلفوا في وقت وجوبه.
(٢) في "أ": "الفضل".
(٣) رواه سعيد بن منصور في "سننه" (١/ ٢٥٢)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ١٤٦)، وابن عبد البر في "التمهيد" (١٠/ ١١٢ - ١١٣).
(٤) قلت: وقد يقال: إنه كان ينهى عن التمتع مطلقاً، وقد ثبت هذا في "صحيح مسلم" (١٢٢٣)، باب: جواز التمتع، عن عبد الله بن شقيق قال: كان عثمان ينهى عن المتعة، وعن سعيد بن المسيب قال: اجتمع علي وعثمان بعسفان، فكان عثمان ينهى عن المتعة.
(٥) رواه البخاري (١٤٨٨)، كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي.
(٦) انظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٥١)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٣٨٦).