وثانيها: نهى (١) الله سبحانه عن قربان النساء في حال الحَيْض، وأمر (٢) بإتيانهنَّ عند الطُّهْر (٣)، ولو كان وَطْؤُهُنَّ في الدُّبُرِ حَلالاً، لما كانَ لنهيِهِ عن قربانهن معنًى.
وثالثها: التشبيه بالحَرْث قرينةٌ دالة على أحد المَعْنيين؛ بدليل أن الحَرْثَ لا يكونُ إلا في موضعِ الزرعِ، قال الشاعر: [من مجزوء الرمل]
إنَّما الأَرْحامُ أَرَضُو... نَ لنا محترثات
فَعَلَينا الزَّرْعُ فيها... وعلى اللهِ النَّباتُ (٤)
وهذا تأويلُ الإمامِ مالك رضيَ الله تعالى عنه.
روى يونسُ بنُ عبدِ الأَعْلى، عن ابنِ وهبٍ: أنه قال: سألتُ مالكَ بنَ أنس، فقلت: إنهم حَكَوْا عنكَ أنك تَرى إتيانَ النساءِ في أدبارهن، فقال: معاذَ اللهِ! أليسَ أنتم قوماً عرَباً؟ فقلت: بلى، فقال: قال اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، وهل يكونُ الحرثُ إلا في مَوْضِعِ الزرعِ أو موضع المنبت؟
وروى الدارَقُطْنِيُّ عن رجاله، عن إسرائيلَ بنِ رَوْح: أنه قال: سألتُ مالِكاً فقلت: يا أبا عبد الله! ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن؟ فقال: ما أنتم عرب؟ هل يكونُ الحرثُ إلا في موضعِ الزرع، ألا تسمعونَ اللهَ تعالى يقول: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، قائمة

(١) في "ب": "نهي".
(٢) في "ب":"وأمره".
(٣) في "ب": "التطهر".
(٤) أنشده ثعلب؛ كما ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" (٢/ ١٨٠)، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ١/ ٨٨)، والثعلبي في "تفسيره" (٢/ ١٦٢).


الصفحة التالية
Icon