﴿وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨] فيعرَفُ من لفظِه أنه عامٌّ في كل سارق، ولكنه خُصَّ منه سارقُ الشيءِ التّافِهِ، والسارقُ من غيرِ حِرْزٍ (١)، ومَنْ سَرَقَ ما لَهُ فيه شُبْهَةٌ، وغيرُ ذلك. ومثلُه أيضاً قولُ الله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١]، وخُصَّ منه القريبُ المُخالِفُ في الدِّينِ بالقُرْآن، والقاتِلُ بالسُّنَّةِ (٢) وأولادُ الأنبياءِ -عليهم السلامُ-، والمَمْلوكُ بالإجْماع، وهذا النوعُ كثيرٌ في القرآنِ.
٣ - ومثال الذي يَرِدُ عامًّا، ويُرادُ به الخاصُّ: قولُ الله -تبارك وتعالى-: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] الآية، وقد عُلِمَ ضرورةً: أنه إنما قالَ ذلكَ فريقٌ منَ الناسِ لفريقٍ منَ الناسِ تَخْويفاً بفريقٍ منَ الناس، ولكنه لمَّا كانَ اسمُ "الناس" يقعُ على ثلاثَةِ نَفَرٍ، وعلى جَميعِ الناسِ، وعلى مَن بَيْنَ جَميعِهِم؛ ومَنْ بينَ ثلاثَةٍ منهم، كانَ صحيحاً في لِسانِ العربِ أن يُقالَ: الذينَ قالَ لهُمُ الناسُ، وإن كانوا أربعةً، وما أشبهَ ذلكَ من هذا النوع، وهو أكثرُ منْ أن يُحْصى في كلامِهم.
٤ - ومثالُ ما ورد (٣) أَوَّلُهُ عاماً ظاِهراً يُراد بهِ العُموم، وآخِرُهُ خاصًّا يرادُ بهِ الخُصوصُ (٤): قَوْلُ اللهِ -تبَارَكَ وتَعالى-: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
(٢) كما في حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - ﷺ -: "ليس للقاتل من الميراث شيء". رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٦٣٦٧)، كتاب: الفرائض، باب: توريث القاتل.
(٣) في "ب" زيادة "في".
(٤) هذه المسألة يعبر عنها الأصوليون بقولهم: إذا ورد لفظ عام، ثم ورد عقبه تقييد بضمير، أو حكم، أو صفة، أو شرط، أو استثناء يختص ببعض أفراد ذلك العام،=