وإن لم يعارض المقيَّدَ مقيَّد آخرُ؛ كالرَّقَبَةِ في كَفّارة القَتْل (١)، والرَّقَبةِ في كَفّارةِ الظِّهار (٢)، قُيِّدَتْ بالإيمانِ في القَتْلِ، وأُطْلِقَتْ في الظِّهار، حُمِلَ المُطْلَقُ على المُقيَّدِ عندَ الشافعيَّةِ، ولا يُحْمَلُ عليهِ عندَ الحَنَفِيَّةِ (٣).
وقد (٤) أعرضتُ عن ذكرِ الحُجَجِ والأدلَّةِ هُنا، وفي غيرهِ من المواضِعِ إلا قليلاً؛ لأنَّ قصدي بيانُ تصَرُّف العربِ في لُغَتِها واتِّساع معانيها.
وهذا الكلامُ في الإطلاقِ والتقييد في الحكم المتعلق بخطابَيْنِ.
* وأما الحكمُ المُعَلَّقُ بخطابٍ مقيَّدٍ بصفةٍ من الصفات، أو بشرطٍ من الشروطِ، ففيهِ أيضًا خِلافٌ عندَهُم (٥).
- أمّا الحكمُ المعلَّق على الشرطِ، فإنه يدلُّ على أنَّ ما عَداهُ بخلافِهِ عندَ أكثرِ أهلِ العلمِ بشرائطِ الاستدلالِ (٦).

(١) في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢].
(٢) في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المجادلة: ٣].
(٣) وقد وافق الحنفيةَ أكثرُ المالكية وبعضُ الشافعية. انظر: "التقريب والإرشاد" للباقلاني (٣/ ٣٠٨)، و"المحصول" للرازي (٣/ ١٤٤)، و"الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ٧)، و"نهاية السول" للإسنوي (١/ ٥٥٢)، و"المحلي مع البناني" (٢/ ٥١)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (١/ ٤٣١)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ١٦٥).
(٤) "قد" ليس في "أ".
(٥) وهذا ما يسمى بمفهوم المخالفة.
(٦) التعليق على شرطٍ نوعٌ من أنواع مفهوم المخالفة، وقد قال به أكثر أهل العلم.
انظر: "التقريب والإرشاد" للباقلاني (٣/ ٣٦٣)، و"الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ٩٦)، و"روضة الناظر" لابن قدامة (٢/ ١٣١)، و"بيان المختصر" للأصفهاني (٢/ ٦٤١)، و"نهاية السول" للإسنوي (١/ ٣٦٨)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (١/ ١٩٨).


الصفحة التالية
Icon