ولم يكنْ فيه نفيٌ لرفع الجُناح في إبدائِها لِقَرابَةِ الرَّضاعِ.
فهذا كُله دليلٌ على هذا الأصلِ الذي أصَّلناه؛ لتعلموه، ولتعتبروا به.
وقد يختلف الفقهاءُ في الأدلَّةِ المؤدّيةِ إلى المُرادِ معَ اتِّفاقِهِمْ على العملِ بالنظر والاجتهاد.
* واعلموا أن العربَ قد تَخُصُّ بالذكرِ شيئًا لأسبابٍ ومَقاصِدَ، وهو وغيرهُ سواءٌ، ووردَ في القرآنِ والسُّنَّةِ من ذلك أنواعٌ (١):
أحدُها: أن يكونَ الشيءُ جواباً لسؤالِ سائلٍ سألَ بكلامٍ مَخْصوصٍ بإحْدى صِفَتَيِ الاسمِ، فيحصلُ الجوابُ على وَفْقِ سؤالِهِ، وعلى هذا تحملُ الشافعيةُ قوله - ﷺ -: "لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ والرَّضْعَتانِ" (٢).
الثاني: أن يَخُصَّهُ بالذِّكْرِ لأجلِ التَّفْضيلِ والتَّعْظيم، ومنهُ قولُ اللهِ - تَبارَك وتَعالى-: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦] ومنهُ قوله - ﷺ -: "والزِّنا بِحَليلَةِ الجار" (٣)، ومنه:
انظر ذلك في: "البرهان" للجويني (١/ ٤٧٤)، و"الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ١٠٩)، و"بيان المختصر" للأصفهاني (٢/ ٦٢٩)، و"المسودة في أصول الفقه" لآل تيمية (٢/ ٧٠٠)، و"نهاية السول" للإسنوي (١/ ٣٦٤)، و"البحر المحيط" للزركشي (٤/ ١٩)، و"المحلي مع البناني" (٢/ ٢٤٥)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ١٧٩).
(٢) رواه مسلم (١٤٥١)، كتاب: الرضاع، باب: في المصة والمصتان، عن أم الفضل.
(٣) رواه البخاري (٤٢٠٧)، كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، ومسلم (٨٦)، كتاب الإيمان، باب: كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده، من حديث عبد الله بن مسعود، بلفظ: سألت =