أي: قد وقفتُ (١).
وفي كتاب الله من هذا النوع: فواتحُ السور، على قولٍ مشهورٍ مرويٍّ عنِ ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في قوله: ﴿الم﴾ [البقرة: ١]؛ أي: أنا الله أعلم (٢)، وكذا بقية الفواتح، وفيها أقوال كثيرة عن العلماء (٣) -رضيَ اللهُ تعالى عنهم-.
وأوضحُ من هذا النوعِ حذف المُضافِ وإقامةُ المُضافِ إليه مقامَهُ، وهو الذي يُسمِّيه الأصوليونَ: لَحْنَ الخِطاب (٤)؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ﴾ [الأعراف: ١٦٣] وقوله تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ [الأعراف: ٤] ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ (٥) [يوسف: ٨٢]، وقوله (٦): ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧] وقولهم: بنو فلان يَطَؤُهُمُ الطريق.
وهذا النوعُ واسع في اللغةِ، لا يُحصى لكثرته، وهوَ من الكلامِ الذي يبينُ آخرُهُ أَوَّلَهُ.
ومن الكَلام الذي أُريدَ بهِ غَيْرُ ظاهره؛ كقولهِم: قاتلَهَ اللهُ ما أَفْصَحَهُ! وتَرِبَتْ يَمينُكَ! وما أشبه ذلك.
(٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١/ ٨٨).
(٣) انظر أقوال الصحابة والعلماء في تفسيراتهم لفواتح السور، في: "تفسير الطبري" (١/ ٨٨) وما بعدها، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٣٧) وما بعدها، و"الدر المنثور" للسيوطي (١/ ٥٦) وما بعدها، وغيرها.
(٤) انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: ١٠٤)، و"البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٧).
(٥) "واسأل القرية" ليس في "أ".
(٦) "وقوله" ليست في "ب".