- فروي عن بضعةَ عشرَ من الصَّحابةِ، منهم عثمانُ وعليٌّ وعائشةُ وابنُ عمرَ، ويروى عن عُمَرَ أيضاً -رضي اللهُ تعالى عنهم-: أنه إذا مضتْ أربعةُ أشهر وُقِف المُؤْلي، فإما أن يَفيءَ، وإما أن يطلق.
وبهذا أخذَ مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ -رحمهم الله تعالى- (١).
- وروي عن ابنِ عباسٍ وابنِ مسعودٍ -رضي الله تعالى عنهم-: أن عزيمةَ الطلاقِ انقضاءُ أربعةِ أشهر. والفيئَةُ فيما بين أن يؤلي إلى انقضاء أربعة أشهر، فإن فاءَ، وإلاّ فعزيمة الطلاق انقضاءُ المدة.
وبهذا أخذَ أبو حنيفةَ -رحمه الله تعالى- (٢)، وشَبَّهَ الإيلاءَ بالطَّلاقِ الرَّجْعيِّ، وشَبَّهَ هذه المُدَّةَ بمدَّة العِدَّةِ.
والقول الأولُ أشبَهُ بظاهرِ القرآنِ من أربعةِ أَوْجُهٍ:
أحدها: قال الشافعيُّ: في سياقِ الآيةِ ما يدلُّ على ما وصفتُ، وذلك لما ذكر اللهُ تعالى أن للمؤلي أربعةَ أَشْهُرٍ، ثم قال: ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧]، فذكر الحُكْمَيْنِ معاً بلا فَصْلٍ بينهما، فدلَّ على أنهما يَقعان بعدَ الأربعة الأشهر؛ لأنه إنما جعل عليه الفيئةَ والطلاقَ، وقد جُعِلَ له الخِيار فيهما في وقتٍ واحدٍ،
(٢) انظر: "الاختيار لتعليل المختار" للموصلي (٢/ ٢٠٠). وانظر من قال بذلك في: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٧/ ٨٩)، و"معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢٩٧)، و"المغني" لابن قدامة (١١/ ٣١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ٩٩/١).