وإنما حملوا (أو) على غير حقيقتها؛ لأن الله سبحانه جعل تعليقَ الحكم على أحدهما؛ بخلافه هنا، فقال: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٧].
* وقد دلت الآيةُ بطريقِ التضمُّنِ والالتزام على أن النكاحَ بغيرِ صَداقٍ جائز؛ لأنه لا يصحُّ الطلاقُ إلا من زوجٍ، ولا تجبُ المُتْعَةُ إلا لزوجةٍ، وهو إجماع (١)، إلا أنه يجب ألا يَخْلُوَ النكاح منه، فلم يكن ذلك إلا لرسول الله - ﷺ - (٢)، ولهذا اتفقوا -فيما أعلم- على (٣) أنه لا يجوز التواطؤ على تركه في المستقبل (٤)، ولم يخالف فيه إلا بعضُ أصحاب الشافعي، فقال: يصحُّ العقد، ويلغو الشرط، ويجب المهر (٥).
ولأجل هذا المعنى ذهب الشافعيّ في أحد قوليه إلى أنه يجب بالعَقْدِ، والصحيح من قوليه أنه لا يجبُ إلا بالفرْضِ أو بالمَسيس (٦)؛ لأنه لو كان
(٢) يعني: لا يجوز لأحد أن يتزوج بدون مهر إلا رسول الله - ﷺ -. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٦/ ٦٥)، و"روضة الطالبين" للنووي (٧/ ٩)، و"الخصائص الكبرى" للسيوطي (٢/ ٢٤٦).
(٣) "على" ليست في "ب".
(٤) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٣/ ٩٦٥ - ٩٦٦).
(٥) وهو قول أبي إسحاق المروزي. انظر: "الحاوي" للماوردي (٩/ ٤٧٣).
(٦) انظر: "الحاوي" للماوردي (٩/ ٤٨٣)، و"كفاية الأخيار" للحصني (ص: ٣٣٩).