وتخصيصُ العموم بمن خالفه منهما.
ومما يدل لبعض أهل الظاهر قولُه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ﴾ (١) [الأحزاب: ٤٩]، فذكر لهن المتعة في هذه الآية.
إلا أن يصحَّ ما رُوي عن ابن المسيّبِ بتوقيفٍ عن رسولِ الله - ﷺ -، وذلك أنه روي عنه: أنه قال: كانَتِ المتعةُ لمنْ لم يُدخَلْ بها من النساء؛ لقوله تعالى في سورة الأحزاب: ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩]، فنسخ ذلك بقوله تعالى ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ (٢) [البقرة: ٢٣٧]، فيبطل هذا الدليل (٣).
وبعيد أن يثبتَ مثلُ هذا النسخِ بتوقيفٍ عن رسول الله - ﷺ - (٤).
فإن قلتم: فما الجوابُ عن آيةِ الأحزاب؟
قلنا: لا تَعارضَ بينها وبين آية البقرة؛ فإن آية الأحزاب عامة، والمرادُ

= قسم بحكمه. انظر: "المغني" (١٠/ ١٤٠).
(١) انظر الاستدلال بها في "المقدمات الممهدات" لابن رشد (١/ ٥٥٠).
(٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ٥٣٣). وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (١/ ٦٩٨) وفيهما: أن سعيد بن المسيب قال في التي طلقت قبل الدخول وقد فرض لها: كان لها المتاع في الآية التي في سورة الأحزاب، فلما نزلت الآية التي في البقرة، جعل لها النصف من صداقها، ولا متاع لها، فنسخت آية الأحزاب.
وانظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ١٨٦)، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٧٥)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: ٤٢٩).
(٣) أي: الاحتجاج به، وإلا فهو لا يبطل؛ لأنه آية قرآنية.
(٤) وقد ردَّ كلٌّ من النحاس وابن العربي أن يكون بين الآيتين نسخ. انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٧٥)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (٢/ ٩٩).


الصفحة التالية