* وأمر الله سبحانه بكتابةِ الدين إلى أجل مُسَمّى:
١ - فتركه قومٌ على ظاهره، وحملوه على الوجوب والحَتْم، فيجب (١) على من له أو عليه الدين أن يكتبَهُ إذا وجدَ كاتبًا، وأن يُشْهِدَ؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، ولقوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فلما رخَّص في ترك (٢) الكتابة عند حضورِ التجارةِ برفع الجُناح، دلَّ على أن الأمر على الحَتْم (٣).
ثم اختلف هؤلاء:
فقال قومٌ: الحتمُ منسوخ بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، وحكى هذا مَكِّيُّ بنُ أبي طالبٍ عن الحسنِ والحكمِ والشعبيّ ومالك (٤).
وروي أن أبا سعيد الخدريَّ تلا: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ حتى بلغ: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [البقرة: ٢٨٢ - ٢٨٣] الآية، فقال: هذه الآيةُ نسختْ ما قبلها (٥).

(١) في "أ": "فيحل".
(٢) "ترك": ليس في "أ".
(٣) وهو قول جماعة من التابعين، والطبري وأهل الظاهر. انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٧٩)، و"المحلى" لابن حزم (٨/ ٨٠)، و"تفسير الرازي" (٤/ ١/ ١٢٠)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٢٠٦)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ٣٤٧)، و "البحر المحيط" لأبي حيان (٢/ ٧٢٣).
(٤) وهو قول ابن زيد ومالك، وجماعة من العلماء. انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" (ص: ١٩٦)، و "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٨٠)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: ٢٢٢)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٢٠٥)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ٣٤٧).
(٥) رواه ابن ماجه (٢٣٦٥)، كتاب: الأحكام، باب: الأشهاد على الديون، وابن =


الصفحة التالية
Icon