واستدلوا بحديث حَبَّان بنِ مُنْقِذٍ، وكان يُخْدَعُ في البيع والشراء، فقال له رسول الله - ﷺ -: "قُلْ: لا خِلابةَ، وأَنْتَ بالخِيار ثَلاثًا" (١)، ولم يمنعْه من التصرُّف (٢).
وسيأتي الكلام على استدامةِ الحَجْر على السفيه في أوائل "سورة النساء" -إن شاء الله تعالى-.
* ثم أمرنا الله سبحانه بالاستشهاد (٣)، وبيَّنَ لنا صفتَهُ، فقال: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾.
وقد اشتملت هذه الجملة على ثمانِ مسائلَ:
الأولى: الأمرُ بالاستشهاد (٤)، هل هو على الوجوب والحَتْم، أو على النَّدْبِ والإِرشاد؟ فيه ما مضى من الاختلاف في الكتابة.
الثانية: تخصيصُ الشهادةِ برجالنا يقتضي أنه لا يجوزُ شهادةُ غيرِ رجالنا.
* وقد اتفقَ أهلُ العلم على أن شهادةَ الكافر غيرُ جائزة في الديونِ والمعاملاتِ (٥).

(١) تقدم تخريجه.
(٢) وقد جعله القرطبي خاصًا به. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ٣٥١).
وانظر الاستدلال بالحديث للفريقين في: "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٢١٧).
(٣) في "ب": "بالإشهاد".
(٤) في "أ": "بالإشهاد".
(٥) انظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص: ٧٨)، و"مراتب الإجماع" لابن حزم (ص: ٩١)، و"بداية المجتهد "لابن رشد (٤/ ١٧٧٣)، و"المغني" لابن قدامة (١٤/ ١٧٣).


الصفحة التالية
Icon