قلت: قد سوى بعضُهم بينهما، فجوَّزَ لها السفرَ عندَ الأمنِ (١).
وجمهورُ أهل العلمِ على إيجاب المَحْرَمِ في السفرِ الجائزِ دون السفرِ الواجبِ؛ جمعًا بين الآية والأحاديث (٢).
وادعى القاضي عياضٌ الاتفاقَ عليه (٣).
وأما سفرُ الهجرةِ فيجبُ على المرأةِ بكلِّ حالٍ؛ لما في الوقوف من فساد الدينِ (٤)، والله أعلم.
* وخص الله سبحانه الوجوبَ بالحجِّ، وأطلقهَ، فبيَّنَ النبيُّ - ﷺ - بقوله: "إنَّهُ لِلأبَدِ" (٥)، فلا يجب أكثر من مرة، وذلك إجماع (٦).
وبَيَّنَ بفعلِه أن وجوبَهُ على التراخي؛ لأنه لم يحجَّ إلا بعد سنتين من

(١) نقله النووي عن بعض الأصحاب. انظر: "شرح مسلم" (٩/ ١٠٤)، و"المجموع" (٨/ ٣١١).
(٢) انظر: "شرح مسلم" (٩/ ١٠٤)، و"المجموع " (٧/ ٧٠)، (٨/ ٣١١).
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢١/ ٥٥): ويجمع معاني الآثار في هذا الباب وإن اختلفت ظواهرها: الحظر على المرأة أن تسافر سفرًا يخاف عليها الفتنة بغير محرم قصيرًا كان أو طويلًا. وانظر: "الاستذكار" (٢٧/ ٢٧٤).
(٣) انظر نقل الاتفاق على ذلك في: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٤٤٦)، و"شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٠٤)، و"المفهم" للقرطبي (٣/ ٤٥٠)، و"فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٧٢٣).
(٤) وهذا متفق عليه بين العلماء، وكلام الحافظ ابن حجر يوهم أنه فيه خلافًا. انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٤٤٥)، و"شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٠٤)، و"المفهم" للقرطبي (٣/ ٤٥٠)، و"فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٧٢٣).
(٥) رواه البخاري (١٦٩٣)، كتاب: العمرة، باب: عمرة التنعيم، ومسلم (١٢١٦)، كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام، عن جابر بن عبد الله.
(٦) انظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٦)، و"المجموع" للنووي (٧/ ١٣)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ٢/ ١٣٥).


الصفحة التالية
Icon