مُجْمَلًا غيرَ مبيَّن الوقتِ والمقدار، فالواجبُ ما يقتضيه حالُ الرجل، ويَخْتلفُ ذلك بحسبِ اختلاف الأزمنةِ والأمكنةِ والأحوال؛ كقوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: ٧].
* وقد اتفق أهل العلم على عدم تحديدِ الكِسْوَةِ.
* وأما النفقةُ، فاختلفوا في تحديدها:
فذهب مالكٌ وأبو حنيفة إلى تركِ التقديرِ كما هو ظاهرُ الكتاب (١).
وذهب الشافعيُّ إلى تقدير النفقة اعتبارًا بالكَفّارة في اليمين (٢)؛ حيث قَدَّرَ فيها الإطعام، ولم يقدرِ الكِسوةَ.
وقد قدمتُ (٣) كيفية هذا الاعتبار في مقدمةِ هذا الكتاب، والمختارُ عندي تركُ التقديرِ، والرجوعُ فيه إلى العرف والعادة؛ لقوله - ﷺ - لهِنْد بنتِ عُتْبَةَ: "خُذِي ما يَكْفِيك ووَلَدَكِ بالمَعْروفِ" (٤)، فَحَكَم النبيُّ - ﷺ - في أمرها المعروف، وذلك يختلفُ باختلافِ الأحوال والأماكن والأزمان (٥).
(٢) انظر: "شرح مسلم" (١٢/ ٧). قال النووي: مذهب أصحابنا: أن نفقة القريب مقدرة بالكفاية، كما هو ظاهر هذا الحديث -يعني حديث: "خذي ما يكفيك"، ونفقة الزوجة مقدرة بالأمداد؛ على الموسر كل يوم مدان، وعلى المعسر مد، وعلى المتوسط مد ونصف. وانظر: "روضة الطالبين" له (٩/ ٤٠، ٨٥).
(٣) في "ب": "بينت".
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) واختاره النووي، فقال: وهذا الحديث يرد على أصحابنا. انظر: "شرح مسلم" (١٢/ ٧).