أما إذا لم يعمل على مال اليتيم، فلا يجوز له الأكلُ، وإن كان فقيرًا؛ لأنه أكل بغير المعروفِ (١).
فإن قيل: إنما أبيح له الأكلُ لأجل الفقر، لا لأجل العمل، ولو كان لأجل العمل، لجاز للغنيِّ (٢)، ولم يجب عليه الاستعفافُ، ولَمَا كان لذكر الفقر فائدةٌ.
قلت: وإنما لم يأخذ الغنيُّ في مقابلة عمله؛ لبيان النبيِّ - ﷺ -، فقد روينا في "صحيح البخاري" عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-: أنها نزلت في والي اليتيم إذا كان فقيرًا أنه يأكلُ منه مكانَ قيامِه عليه بالمعروف (٣) (٤)،

(١) اختلف العلماء فيما يجوز للولي من الأكل من مال اليتيم على أقوال كثيرة من أهمها: الأول: أنه الأخذ على وجه القرض، ويقضي إذا أيسر، وهو قول عمر وابن عباس وابن جبير والشعبي ومجاهد وأبي العالية وعبيدة والأوزاعي.
الثاني: الأكل بمقدار الحاجة من غير إسراف، وروي عن ابن عباس والحسن وعكرمة وعطاء وقتادة والنخعي والسدي. قال القرطبي: وعليه الفقهاء.
الثالث: الأخذ بقدر الأجرة إذا عمل لليتيم عملًا، روي عن ابن عباس وعائشة وعطاء.
الرابع: أنه الأخذ عند الضرورة، فإن أيسر قضاه، وإن لم يوسر فهو في حل، وهو قول الشعبي.
انظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٢٥٦)، و"الحاوي" للماوردي (٦/ ٣٤٠)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٤٢٢)، و"معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٥٧١)، و"تفسير الرازي" (٥/ ١/ ١٩٨)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٣٥٩)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ٨٦)، و"المغني" لابن قدامة (٦/ ٣٤٣)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ٣٨).
(٢) "للغني" ليست في "ب".
(٣) في "ب": "بمعروف".
(٤) رواه البخاري (٤٢٩٩)، كتاب: التفسير، باب: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ........﴾، =


الصفحة التالية
Icon