- وأما إذا لم يأتين بالفاحشة، ولم يخافا ألا يقيما حدود الله، فلا يحلُّ للأزواجِ الأخذُ؛ كما بينه اللهُ سبحانه في قوله تعالى: -ayah text-primary">﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾، فحرمه الله تحريمًا مطلقًا، وقد علمنا أن اللهَ سبحانه إنَّما أراد تحريمَ ذلك إذا لَمْ يأتينَ بالفاحشةِ المبيِّنة، وإذا لم يخافا أَلَّا يقيما حدودَ الله، فإطلاقُ هذه الآيِة مقيَّد بالتي قبلها، وبآية البقرة (١).
" ثم ذمَّ اللهُ سبحانَه فاعِلي ذلك، ووبَّخَهُم بقوله: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾.
* إذا تمَّ هذا، فإن قوله تعالى: ﴿وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ كناية عن الجِماع والمباشَرَةِ، وهو تفسيرُ ابنِ عباسٍ رضي الله تعالى عنهما (٢).
قال في "الصِّحاح" يقال: أفضى الرجلُ إلى امرأته: إذا باشَرَها وجامَعَها (٣).
ويقعُ على الوُصولِ، أي: وُصولِ بعضِهم إلى بعض.
ويقع على المُخالطة، أي: خالطَ بعضُهم بعضًا (٤).
(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١٠١).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٤/ ٣١٤). ورواه أيضًا عن مجاهد والسدي. وانظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٢/ ٣٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١٠٢). وقد قال به مقاتل وابن قتيبة. انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ٤٣).
وبه قال الإمام الشافعي. انظر: "الحاوي" للماوردي (٩/ ٣٩١).
(٣) انظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢٤٥٥)، (مادة: فضى).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للنحاس (٢/ ٤٨)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٤٩)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١٠٢).