قلنا: هو كما ذكرتَ يقعُ على معاني مختلفة، ولكنه إن وقعَ على معانٍ مختلفة، فإنه يجمعُها معنًى واحدٌ، وهو المنعُ.
فالإحصانُ (١) مأخوذٌ من التحصين، وهو المنعُ، فكلُّ ما يَمْنَعُ فهو مُحْصِن -بكسر الصاد- وما مُنِع فهو مُحْصَنٌ -بفتح الصاد (٢) - قال الله تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ [الأنبياء: ٨٠]، وقال تعالى: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ﴾ [الحشر: ١٤]، يعني: ممنوعة، وقال تعالى: ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ [الأنبياء: ٩١]، أي: منعته عن الزنا.
وهو يقعُ في القرآن على معانٍ.
منها: العِفَّةُ؛ لأنها مانعةٌ؛ لقوله تعالى: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾ [النساء: ٢٥]، أي: عفائفَ غيرَ زوانٍ.
ومنها: الحرية؛ لأنها مانعةٌ، وذلك كقوله تعالى: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥]، وكقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ [النور: ٤]، وكقوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، وكقوله تعالى: ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النساء: ٢٥].
ومنها: الإسلامُ؛ لأنه مانعٌ، وذلك كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ﴾، أي: أسلمْنَ (٣)، وهذا

(١) في "ب": "والإحصان".
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٣٩٧)، و"تهذيب الأسماء واللغات" (٣/ ٦٢)، و"لسان العرب" (١٣/ ١١٩) مادة (حصن).
(٣) انظر: "تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ٣٢٣ - ٣٢٤).


الصفحة التالية
Icon