* وأما الاستثناء، فقال أكثرُ الناس باختصاصه بالجملة الأخيرة، وأن الجمعَ بين الأختين بملكِ اليمينِ حرامٌ (١).
قال عثمانُ -رضي الله تعالى عنه-: أحلَّتهما آية وحَرَّمتهما آية (٢)، والتحريمُ أولى (٣).
وبهذا قال عامَّةُ أهلِ العلمِ بالقرآن.
وخالف الناسَ أهلُ الظاهر، فقالوا: يجوزُ الجمعُ بينَهما كما يجوزُ ملكُهُما، ولا التفاتَ إليهم (٤).
* وضابطُ الجمعِ المحرمِ ما قاله الشعبيُّ: كلُّ امرأتين إذا جَعَلْتَ موضعَ إِحداهما ذَكَرًا، لم يَجُزْ أن يتزوجَ الأخرى، فالجمعُ بينهما باطلٌ، فقيل له:

(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٧٦)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١١٦)، و"شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٩١). قال القرطبي: ذهب كافة العلماء إلى أنه لا يجوز الجمع بينهما بالملك في الوطء.
(٢) قال ابن عبد البر: أما قوله: "أحلتهما آية": فإنه يريد تحليل الوطء بملك اليمين مطلقًا في غير ما آية من كتابه.
وأما قوله: "وحرمتهما آية": فإنه أراد عموم قوله عز وجل: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾. انظر: "الاستذكار" (١٦/ ٢٥٠).
(٣) ذرواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٥٣٨)، والإمام الشافعي في "مسنده" (٢٨٨)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١٢٧٢٨)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٦٢٥٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ١٦٣). وجاءت ألفاظه عندهم: "ولم أكن لأفعله، و "لست أفعل أنا ولا أهلي"، "وأما أنا فلا أحب أن أصنع هذا"، وحلا آمرك ولا أنهاك".
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٦/ ٢٥٠)، و "المغني" لابن قدامة (٧/ ٩٦). وقد ذهب ابن حزم إلى ما ذهب إليه الجمهور من عدم جواز الجمع بين الأختين بملك اليمين. انظر: "المحلى" (٩/ ٥٢١).


الصفحة التالية
Icon