هو من باب التخصيص لعموم قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، وإنْ كانَ قد تَوَهَّمه كثيرٌ من جِلَّةِ العُلماء، وغَفَلوا عن هذا التحقيقِ والقصدِ النفيسِ؛ فإنه ليسَ من التخصيصِ بالقياسِ؛ لورودِ السنَّةِ به، ولا من التخصيص بفردٍ غيرِ مذكورٍ في العموم، ولا في معنى المذكور في العموم (١).
ولأجل هذا المأخَذِ رَدَدْنا إلحاقَ بعضِ السلف بهؤلاء مَنْ عداهُنَّ من المَحارم؛ حيث قالوا: يحرمُ الجمعُ بينَ كُلِّ امرأتينِ بينَهما رَحِمٌ محرِّمةٌ أو غيرُ محرمة، فمنعوا الجَمْعَ بين ابنتي عَمٍّ، وابنتي عَمَّةٍ، وبين ابنتي خالٍ، وابنتي خالةٍ، وبينَ المرأةِ وبنتِ بنتِ عَمِّها، أو بنتِ بنتِ عَمَّتِها، أو بنتِ بنتِ خالتِها، أو بنتِ بنتِ خالِها (٢).
* واختلف أهلُ العلم في قوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ [النساء: ٢٤].
فقال قومٌ: نزلت في نِكاح المُتْعَةِ، فكانَ ابنُ عباسٍ، وابنُ مسعودٍ، وأُبَيُّ بنُ كعبٍ، وابنُ جبيرٍ يقرؤون: (فما استمتعتُم بهِ منهنَّ إلى أجلٍ مُسَمًّى) (٣).
(٢) وممن قال بذلك: إسحاق بن طلحة بن عبيد الله والحسن البصري وجابر بن زيد وعكرمة وقتادة وعطاء على اختلاف عنه. انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٣٢)، و"الفروق" للقرافي (٣/ ٢٣٢)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٤٥٣).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (٨/ ١٧٧)، و"الكشاف" للزمخشري (١/ ٢٦٢)، =