ومنعنا انعقادَهُ بالألفاظ المستقبلة؛ لعدم تحقق الرضا، فإن اللفظ متردِّدٌ بين الوعد والإنشاء (١).
* ولما كان البيعُ يقعُ عن بصيرةٍ ومعرفة، ويقع بغتة من غير تروٍّ ومعرفةِ حقيقته، بمنَ النبيُّ - ﷺ - مدةً تندفع بها معرةُ (٢) الندامة والخداع، ويستدرَكُ بها الغبنُ والظُّلامَةُ؛ لِيُتَحقَّقَ بهذه المدَّةِ الرضا الباطني.
فروى ابنُ عمرَ -رضي الله تعالى عنهما- عن رسول الله - ﷺ -: أنه قال: "إذا تَبايعَ الرَّجُلانِ، فَكُلُّ واحِدٍ منهُما بالخِيارِ على صاحِبِه ما لم يَتَفَرَّقا، وكانا جَميعاً، أو يُخَيِّرْ أحدُهما الآخَرَ" (٣).
وروى حكيمُ بنُ حزامٍ -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - ﷺ -: "البيعانِ بالخِيارِ ما لم يَتَفرَّقا -أو قال: حَتّى يَتَفَرَّقا- فإنْ صَدَقا وصبيَنا، بورِكَ لهما في بَيْعِهما، وإن كتما وكَذَبا، مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهما" (٤). خرجهما الشيخان.
وبه عمل ابنُ (٥) عمرَ وسائرُ الصحابة (٦)، وجمهورُ.........
(٢) معرَّة: المَعَرَّةُ على وزن (المبرَّة): الإثم، والأذى، والغُرمُ، والديةُ، والجنايةُ. "القاموس" (مادة: عرر) (ص: ٣٩٥).
(٣) رواه البخاري (٢٠٠٦)، كتاب: البيوع، باب: إذا خيّر أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع، ومسلم (١٥٣١)، كتاب: البيوع، باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين.
(٤) رواه البخاري (١٩٧٣)، كتاب: البيوع، باب: إذا بيّن البيِّعان ولم يكتما ونصحا، ومسلم (١٥٣٢)، كتاب: البيوع، باب: الصدق في البيع والبيان.
(٥) "ابن" ليس في "ب".
(٦) وروي هذا عن عمر وعلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي برزة. انظر: =