* ثم أمر الله سبحانه الرجالَ بوعظِ الأزواج عند خوفِ نُشوزِهِنَّ، وذلك يكون بظُهور أَماراتِ النُّشوز، إما بالخُشونة وسوءِ الخُلُق، وإما بإخلافِ عادتِها في حسنِ طاعتِها ولينِ عِشْرَتها.
وأمرهم بهجرهنَّ وضربهنَّ، وذلك يكون عندَ ظهورِ النشوزِ وتحقُّقِه والإصرارِ عليه، لا عندَ خوفِه؛ فإنَّ ظهورَ أَماراته لا يُبيحُ الضربَ؛ لاحتمال خُلْفِ الأَماراتِ والخطأ فيها، فقد يكونُ ذلك منها لِغَمٍّ وضيق صدرٍ (١) (٢).
ونُقل عن بعضهم جوازُ الجمع بين الوعظِ والهجرانِ والضربِ؛ لأن الواو تقتضي الجمعَ، لا الترتيب (٣)، وحمل خَوْف النشوزِ على ظهورهِ والعلمِ به تَجَوُّزاً؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٨٢].
(١) "صدر" ليس في "أ".
(٢) انظر: "الكشاف" للزمخشري (١/ ٥٣٩)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١٧١)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٢/ ٤٨).
(٣) القول بجواز الجمع بين الوعظ والهجران والضرب هو القول المرجوح عند الشافعية والحنابلة. انظر: "الأم" للشافعي (٥/ ١١٢)، و "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٣٧٧)، و"روضة الطالبين" للنووي (٧/ ٣٦٩)، و"المغني" لابن قدامة (٧/ ٢٤٢).