واختار القولَ بعدمِ الإعادة المزنيُّ، وهو قولٌ للشافعيِّ، وهو المختار من قولَيْ (١) مالِكٍ عند أصحابه -رحمهم الله تعالى (٢) -.
* وقيد الله سبحانه جوازَ التيمُّم بعدمِ الوِجْدان، والوِجْدانُ اسمٌ للظَّفَرِ بالمطلوب بعد الطلب، يقال: وجدَ مطلوبَه، ووجد ضالَّتَه: إذا ظفر به (٣).
ولهذا أوجبَ الشافعيُّ ومالكٌ الطَّلَبَ على فاقد الماء (٤).
وقال أبو حنيفة: لا يجبُ عليه الطَّلَبُ؛ قياساً على سائرِ الأصول في أنَّ من فقدَ شرطاً في العبادةِ لا يجبُ عليه طلبُه؛ كمن فقدَ السُّتْرَةَ في الصلاة، والمالَ في الزكاة، والاستطاعةَ في الحج (٥).
والفرقُ عند الآخرين ظاهرٌ، وهو تَيَسُّرُ تحصيل الماء، بخلاف غيره.

= "المسند" (٥/ ١٤٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٨٣)، عن أبي ذر. وهذا لفظ البيهقي.
(١) في "ب": "قول".
(٢) وعن الإمام أحمد روايتان، وفرق ابن قدامة بين العذر الممتد والعذر النادر، فالنادر عليه الإعادة، والممتد لا إعادة عليه. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٢٧٢)، و"التمهيد" لابن عبد البر (١٩/ ٢٧٧)، و"الذخيرة" للقرافي (١/ ٣٤٥)، و"المغني" (١/ ١٤٩)، و"الكافي في فقه الإمام أحمد" كلاهما لابن قدامة (١/ ٧٠).
(٣) انظر: "لسان العرب" (٣/ ٤٤٥)، (مادة: وجد).
(٤) وعن أحمد روايتان والمشهور عنه اشتراط طلب الماء، انظر: "الأم" للشافعي (١/ ٤٥)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٤٨)، و "المغني" لابن قدامة (١/ ١٤٩).
(٥) عند الحنفية ليس على المتيمم طلب الماء إذا لم يغلب على ظنه أن بقربه ماء، أما إن غلب على ظنه وجود الماء لم يجز له أن يتيمم حتى يطلبه. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ١٥)، و"المبسوط" للسرخسي (١/ ١٠٨)، و "الهداية شرح البداية" للمرغيناني (١/ ٢٧)، و "رد المحتار" لابن عابدين (١/ ٢٤٦).


الصفحة التالية
Icon