نزلت في مِقْيَسِ بنِ صبابةَ الكِنانيِّ، وقد كانَ أسلمَ هو وأخوه هشامٌ، فوجدَ أخاهُ قتيلاً في بني النجّار، فأرسلَ رسولُ الله - ﷺ - (١) زهيرَ بنَ عياضٍ الفهريَّ - وكانَ من المُهاجرينَ منْ أهل بدر - مع مِقْيَسٍ إلى بني النجار: أن رسولَ الله - ﷺ - يأمركم إن علمتُمْ قاتلَ هشامِ بنِ صبابَة أن تدفعوه إلى مقيسٍ، فيقتصَّ منه، وإن لم تعلموهُ أن تدفعوا إليه ديتَه، فقالوا: سَمْعاً وطاعةً للهِ ورسوِله، ما نعلمُ له قاتلاً، ولكنا نؤدي له ديتَه، فأعطَوْه مئة من الإبل، ثم انصرفا إلى المدينة راجعين، فتغفل مقيسٌ زهيراً، فرماه بصخرة، فشجَّه (٢)، ثم ركبَ بعيراً، وساق بقيتَها إلى مكة مرتدًّا، وقال في ذلك أبياتاً منها: [البحر الطويل]

قتلتُ بهِ فهراً وحَمَّلْتَ عَقْلَهُ سَراةَ بني النَّجَّارِ أربابِ فارعِ
فأدركتُ ثأري واضطَجَعْتُ مُوَسَّداً وكنتُ إلى الأوثانِ أولَ راجِعِ
فنزل فيه قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا (٩٣)﴾ [النساء: ٩٣]، وهو الذي استثناهُ النبي - ﷺ - يومَ فتحِ مكة عَمَّنْ أَمَّنَهُ، فقُتل وهو متعلقٌ بأستارِ الكعبة (٣).
* وقد أجمعتِ الأمةُ على تعظيمِ شأنِ القتل؛ كما عظمه الله تعالى، ورسولُه - ﷺ - فهو أكبرُ الكبائرِ بعدَ الشركِ بالله تعالى.
* ثم اختلفوا في توبتِه وتخليدِه في النار -نعوذ بالله الكريم من ذلك-.
(١) رسول الله - ﷺ -. ليس في "أ".
(٢) في "ب": "فشدخه".
(٣) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ٢١٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ١٠٣٧)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٢٩٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٩/ ٢٩).


الصفحة التالية
Icon