له توبةً، وأمرُه إلى الله تعالى، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه (١).
واختلفت بهم الطرقُ في الكلامِ على الآية.
فمنهم من ذهبَ إلى النسخ (٢)، فقال: إنها منسوخةٌ بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠)﴾ [النساء: ١١٠].
وروي عن عليٍّ أنها منسوخةٌ بآيتين: آيةٍ قبلَها، وآيةٍ بعدها في النظم (٣)، وهي قولُه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ إلى قوله: ﴿فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)﴾ [النساء: ٤٨] وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ إلى قوله: ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١١٦)﴾ [النساء: ١١٦].
والقول بالنسخ بعيدٌ؛ لما سأذكره بعدُ -إن شاء الله تعالى- من عدم التعارضِ بينهما.
وما روي عن عَليٍّ -رضيَ الله تعالى عنه - يجبُ حملُهُ على معنى قولِ ابنِ عمر -رضي الله تعالى عنهما -: كنا معشرَ أصحابِ رسول الله - ﷺ - لا نشكُّ في قاتلِ المؤمن وآكلِ مالِ اليتيمِ وشاهدِ الزورِ وقاطعِ الرحمِ حتى نزلت: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ١١٦]، فأمسكنا عن الشهادة، يعني: الشهادة لهم بالنار (٤).
ومنهم من ذهب إلى وقفِ حكمها على سَببها؛ فمن قتلَ مؤمناً متعمداً
(٢) انظر: "نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: ٢٠٣).
(٣) في "أ": "النساء".
(٤) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ١٢٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩٧١).