فمتى رأى الغزاةُ شِعارَ الإسلامِ في حيٍّ أو بلدٍ، وجبَ عليهمُ الكَفُّ عنهم؛ كما فعل رسول الله - ﷺ -.
* ثم بين صِفَةَ التبيُّنِ في الذين لم تبلغْهُمُ الدعوةُ، أو بلغتْهُم ولم يَبْلُغْهم إنزالُ الحَرْبِ بهم، فكانَ إذا بعثَ سرية قال لأميرها: "إذا لقيتَ عَدُوَّكَ من المُشركين، فادْعُهُمْ إلى ثلاثِ خصال - أو: خِلالِ - فأيتهنَّ أجابوكَ، فاقبلْ منهم، وكُفَّ عنهم، ادْعُهُم إلى الإسلامِ، فإنْ أجابوكَ، فاقبلْ منهم، وكُفَّ عنهم، ثم ادْعُهم إلى التَّحَوُّلِ عن دارِهم إلى دارِ المُهاجرين، وأَعْلِمْهم أنهم إن فَعَلوا ذلكَ أَنَّ لهم ما لِلْمُهاجِرين، وأَنَّ عليهم ما على المُهاجرين، فإنْ أَبَوا، واختاروا دارَهم، فأعلمْهم أنهم يكونونَ كأعرابِ المُسلمين، يجري عليهم حكمُ الله الذي يَجْري على المؤمنين، ولا يكونُ لهم في الفَيْءِ والغَنيمَةِ نصيبٌ، إِلَّا أن يُجاهِدوا مع المُسلمين، فإن هُمْ أَبَوا، فادْعُهُم إلى إعطاءِ الجِزْيَةِ، فإنْ همْ أَجابُوا، فاقبلْ منهمْ، وكُفَّ عنهم، وإن أَبَوا، فاسْتَعِنْ باللهِ، وقاتِلْهم" (١).
فمتى وقع الغزاةُ إلى قومٍ لم تبلغْهُم الدعوةُ، فعلوا بهم ما أمرَ النبيُّ - ﷺ -.
* فإن قال قائل: فقد ثبتَ أنه - ﷺ - كان يُبَّيتُ العدوّ (٢) على بني المُصْطَلِقِ وهمْ غازُّون (٣).
(١) تقدم تخريجه.
(٢) روى البخاري (٢٧٨٥)، كتاب: الجهاد، باب: دعاء النبي - ﷺ - إلى الإسلام والنبوة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه -: "أن النبي - ﷺ - خرج إلى خيبر، فجاءها ليلاً، وكان إذا جاء قوماً بليل لا يغير عليهم حتى يصبح... " الحديث.
(٣) رواه البخاري (٢٤٠٣)، كتاب: العتق، باب: من ملك من العرب رقيقاً، فوهب=