فإن قلتم: فقد قيل: إن هذه الآية لا دليلَ فيها؛ لأنه ليس فيها أكثر من نهي قرابة المرأة عن منعها النكاحَ، وذلك لا يقتضي اشتراط إذنهم في صحة العَقْد، بل يفهم من النهي أن الأولياء ليس لهم سبيلٌ على من يلونهم، فهل نجد في السنَّةِ دليلًا يبيِّن ما قلت؟
قلت: نعم، حديثُ مَعْقِلِ بنِ يسارٍ؛ لأنه لو كان بيدها عقدُ النكاح، لم يكن ليمينه فائدة، ولكان لها أن تزوج نفسها، ولم يحتجْ إلى الحِنْثِ والتكفير.
فإن قلتم: فهل نجد في السنةِ دليلًا أبينَ من هذا؟
قلت: نعم، قال الشافعي: أنا سعيد بن سالم وعبد المجيدِ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن سليمانَ بنِ موسى، عن ابنِ شهاب، عن عروةَ بنِ الزبير، عن عائشةَ -رضي الله تعالى عنها -: أن رسول الله - ﷺ - قال: "أَيُّما امرأةٍ نكحتْ بغيرِ إذْنِ وليِّها فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فإنْ أصابَها، فلها الصَّداقُ بما استحلَّ من فرجها" (١).
قال الشافعيُّ: قال بعضهم في الحديث: فإن اشتجروا، وقال غيره منهم: فإن اختلفوا، فالسلطان وليُّ مَنْ لا وليَّ له (٢)، فهذا حديثٌ رواته كلُّهم ثقات.
قال شعيبُ بن أبي حَمْزَة: قال لي الزهريُّ: إن مكحولًا يأتينا،
(٢) انظر: "الأم" للشافعي (٥/ ١٣).