مع وجود الأقرب، كلُّ ذلك كان سبيلَهم في كلِّ (١) مقام عظيم؛ كوراثة الأموالِ وطلبِ الدماء، وقد أنكح خالدُ بنُ سعيدِ بنِ العاصِ بنِ أمية. أمَّ حبيبةَ بنتَ أبي سفيانَ بنِ حَرْبِ بن أُمَيَّةَ من رسول الله - ﷺ - (٢).
وكذلك رُويَ عن عُمَرَ بنِ أبي سلمةَ بنِ عبدِ الأسدِ بنِ هلالِ بنِ عبد اللهِ بنِ عمرَ بنِ مخزوم: أنَّه أنكح أُمَّهُ أُمَّ سلمةَ هِنْدًا بنتَ أبي أميةَ بنِ المغيرةِ بنِ عبدِ الله بنِ عُمر بنِ مخزومٍ من رسول الله - ﷺ -، مع صِغر سِنِّه؛ لكونهِ أقربَ الناسِ إليها (٣).
فإن قلتم: فقد روى ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: عن النبي - ﷺ - أنَّه قال: "الأَيِّمُ أحق بنفسها من وليِّها، والبِكْرُ تُسْتأذَنُ في نَفْسِها، وإذْنُها صُماتُها" (٤)، ففرق بين الثيّب والبكر، مع وجوب استئذانهما في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، فدلَّ على أن الَّذي تميَّزَتْ به الثيِّبُ هو الاستقلال بنفسها.
قلت: قد أخذ بهذا الظاهرِ أهلُ الظاهر (٥)، وهو قويٌّ، لكنه يعارضُه قوله - ﷺ -: "أَيُّما امرأةٍ نكحتْ بغيرِ إذن وليِّها فنكاحُها باطل، فنكاحُها باطل،
(٢) رواه ابن سعد في "الطبقات" (٨/ ٩٧)، والحاكم في "المستدرك" (٦٧٧٠)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦٩/ ١٤٣)، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص.
(٣) انظر: "التحقيق في أحاديث الخلاف" لابن الجوزي (٢/ ٢٦٦).
(٤) رواه مسلم (١٤٢١)، كتاب: النكاح، باب: استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت.
(٥) الَّذي في "المحلى" لابن حزم (٩/ ٤٥١):
لا يحل للمرأة نكاح، ثيبًا كانت أو بكرًا إلا بإذن وليها | ، ومعنى ذلك أن يأذن لها في الزواج، فإن أبي أولياؤها من الإذن لها، زوَّجها السلطان. |