* أوجب الله سبحانه فيها للمرضِع على والد الطفل رزقَ المرضعةِ وكسوتَها (١):
فيحتمل أن يكون ذلك لأجل الزوجية كما رآه (٢) مالك (٣).
ويحتمل أن يكون لأجل الرضاع - كما رآه الشافعي - فهو أجرة المرضعة (٤).
ويترجَّح قول مالك؛ لأن الأجر لا يقدَّرُ بالنفقة والكسوة، وإنما يقدر بالنفقة والكسوة حقوقُ الزوجية.
ومثل هذا قوله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥].
وقول النبي - ﷺ -: "وَلَهُنَّ عليكُم رزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بالمَعْروفِ" (٥).
وقوله - ﷺ -: "خُذي ما يَكْفيكِ ووَلَدَكِ بالمَعْروفِ" (٦).
وللشافعي أن يقول: إنما ضربه الله مثلَا يهتدى به في تقدير الأجرة كما قَدَّمْتُه، وإنما ذكرَ اللهُ -سبحانَهُ - النفقةَ؛ لأنَّ المرضعةَ تتغذَّى بالنفقة، والمولودُ يتغذى بِلِبانِها، فبتمامِ بِنْيَتهِا تتمُّ بِنيةُ المولود، وبصلاحِ جسدهِا

(١) انظر: "تفسير الرازي" (٣/ ٢/ ١٢٩)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ١٠٥)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ١٥٠).
(٢) في "ب": "رواه".
(٣) وهو مقضى قوله المتقدم بوجوب الرضاع بشرطه.
(٤) وهو مقتضى قول من يقول بأن الرضاع لا يجب على الأم، كما تقدم.
(٥) رواه مسلم (١٢١٨)، كتاب: الحج، باب: حجة النبي - ﷺ -، عن جابر بن عبد الله في حديثه الطويل.
(٦) تقدم تخريجه.


الصفحة التالية
Icon