أنّهُ مَسَحَ على الخُفَّيْنِ (١).
قال الحسنُ البصريُّ -رضي الله تعالى عنه-: حَدَّثنَي سبعونَ من أصحابِ رسولِ الله - ﷺ -: أنَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - كانَ يمسحُ على الخُفَّيْنِ (٢).
فيحتملُ أن يكونَ هذا قبلَ نُزولِ هذهِ الآيةِ، فيكونَ منسوخًا؛ كما رُوي عن عليٍّ وابنِ عباسٍ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهم-: سبقَ الكتابُ المَسْحَ على الخُفَّيْنِ (٣).
ويحتملُ أن يكونَ بعدَ نزولِ هذه الآيةِ، فيكونَ: إمّا ناسِخًا لهذه الآية عندَ من يَجَوِّزُ النَّسْخَ للكتابِ بالسُّنَّةِ، وإما مُبيِّنًا لها أنَّ المرادَ بها غيرُ لابِسِ الخُفِّ، ولأجلِ هذا توقَّفَ قومٌ، وشَكُّوا في جوازه.
وذهب ابنُ عباس -رضيَ اللهُ تَعالى عنهُما- إلى أنه كانَ قبلَ نُزولِ المائدةِ، وقالَ: واللهِ مَّاَ مَسَحَ رسولُ الله - ﷺ - بعدَ المائدةِ (٤).
ويروى مَنْعُ المَسْحِ عن عائِشَةَ، وعليٍّ، وابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهم (٥) -.
(٢) رواه ابن المنذر في "الأوسط" (١/ ٤٣٣).
(٣) انظر: "سنن البيهقي الكبرى" (١/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، و"الدراية في تخريج أحاديث الهداية" لابن حجر (١/ ٧٦ - ٧٧).
(٤) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٢٣)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٢٨٧).
(٥) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٢١٨).
قال عبد الله بن المبارك: ليس في المسح على الخفين عندنا خلاف، وإن الرجل ليسألني عن المسح فأرتاب به أن يكون صاحب هوى، وقال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر: وذلك أن كل من روي عنه من أصحاب رسول الله (أنه كره المسح على الخفين فقد روي عنه غير ذلك. انظر: "السنن =