وأما عائشةُ، فإنها أحالَتْ على عَلِيٍّ، فقالت للسائِلِ: ائْتِ عَلِيًّا؛ فإنه أعلمُ بذلكَ مني، فأتيتُ عَليًّا وسألتهُ عن المسحِ على الخفين، فقال: كانَ رسولُ الله - ﷺ - يأمرُنا أن نمسحَ على الخُفَّينِ يومًا وليلةً، وللمسافرِ ثلاثة أيامٍ، خرجه مسلم (١).
وما رُويَ من قولِ عليٍّ: سبقَ الكتابُ المَسْحَ على الخُفَّين، قال ابنُ المنذر: فليسَ لهُ إسنادٌ موصولٌ صحيحٌ تقومُ به حُجَّةٌ (٢).
* ولما أحكمَ اللهُ سبحانَه فرضَ الوضوء، بيَّنَ لنا فَريضةَ الغُسْلِ، فقالَ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦]، وقال في موضعٍ آخَرَ: ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣].
* والتطهُّرُ والاغتسالُ يَقَعُ في اللسانِ على إفاضةِ الماءِ على البَدَنِ، معَ إِمرارِ اليدِ، وبدون إِمرارها؛ كما هو مذهبُ الجُمهور (٣).
وأوجبَ مالكٌ (٤) والمُزنيُّ (٥) إمرارَ اليَد.
* وبين النبيُّ - ﷺ - ما فرضَهُ اللهُ سبحانَهُ بقولِه وفعلِهِ.
روينا في "صحيح البُخاريِّ" و"مُسْلِمٍ" عن عائشةَ -رضي الله تعالى عنها-: كانَ رسولُ الله - ﷺ - إذا اغْتَسَلَ من الجَنَابَةِ، غسلَ وجهَهُ ويَدَيْه، ثم توضَّأ وضُوءَهُ للصلاة، ثم اغتسل، ثم يُخَلِّلُ بيديه شَعْرَهُ، حتى إذا ظَنَّ أنه
(٢) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (١/ ٣٣٩).
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٠٧)، و"فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣٥٩).
(٤) وهو مذهب أحمد. انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٣١)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ١٣٩).
(٥) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٠٧).