الكافرُ إذا حارب بهِ حربياً، والمسلمُ مجاهداً، وهذا القولُ متعيِّنٌ، والله أعلم.
القسم الثاني: في جزاء هذه الجناية.
وقد حَصَرَ (١) اللهُ سبحانه جزاءها في أربعة أنواع، ونَسَّقَها بلفظ (أو) الموضوعة للتخييرِ حقيقةً، وللتنويعِ مَجازاً.
فمن أهلِ العلمِ من حَمَلَها على موضوعِها الحقيقيِّ، فقال: الإمامُ مُخَيَّرٌ في قتلهِ أوصلبهِ [أو نفيه] أو قطعِه من خِلافٍ.
ويروى عن الحسنِ، وإبراهيمَ، وابنِ المسيِّبِ، والضَّحَّاك، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ (٢).
ورواه الوالِبِيُّ عن ابنِ عباسٍ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما (٣) -.
وبه قالَ مالكٌ وأبو ثَوْرٍ (٤).
ومعنى التخييرِ عندَه: أن الأمرَ في ذلكَ منوطٌ باجتهادِ الإمامِ، فإن كانَ المحارِبُ من ذوي الرأي والتدبيرِ، فوجهُ الاجتهادِ قتلُه وصلُبه؛ لأن القطعَ
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٦/ ٢١٤)، و"الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٧/ ٢٣٨)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٥٤)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٥٥٢).
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٥٥٢)، و"المغني" لابن قدامة (٩/ ١٢٥).
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٥٥٢)، و"الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٧/ ٢٣٨)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٢٤١)، و"مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٣١٦)، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس (١/ ٣٩٤).