أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١]؛ والحُكْمُ في هذا على العُمومِ والإطلاق (١).
وليس البِرُّ والإقْساطُ لهم والصدقةُ عليهم من الموالاة، فقد ندبَ اللهُ سبحانَه إليهما (٢) فقال: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ [الممتحنة: ٨] الآية، وقال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٢].
وأما معاشرتُهم بالمجالَسَةِ، فلا شَكّ أنها مكروهةٌ غيرُ مُحَرَّمَةٍ؛ لما فيه من الإيناسِ لعدوِّ اللهِ ورسوله.
رويَ عن أبي موسى -رضيَ اللهُ تَعالى عنه -: أنه قدمَ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضيَ اللهُ تعالى عنه-، فقال: إنَّ عندَنا كاتِباً نصرانِيًّا، من حالِه وحالِه، فقال: مالَكَ ولَهُ قاتَلَكَ الله! أما سمعتَ قولَ اللهِ تعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة: ٥١]؟ ألا اتَّخَذْتَ حنيفاً؟ قال: قلتُ: لهُ دينُه ولي كتابَتُهُ، قال: لا أُكرمُهُمْ إذْ أهانَهُمُ اللهُ، ولا أُعِزُّهُمْ إذْ أَذَلَّهُمُ اللهُ، ولا أُدنيهم إذْ أقْصاهُمُ الله (٣).
* وفي هذه الآيةِ دَلالةٌ على أن اليهوديَّ يَرِثُ النَّصْرانِيَّ، وبالعَكْس (٤)؛ لقوله تعالى: ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة: ٥١].
(٢) "إليهما": ليس في "أ".
(٣) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١٢٧)، و"شعب الإيمان" (٩٣٨٤).
(٤) وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وقال مالك وأحمد: لا يتوارثان. انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٩/ ١٧٠)، و"شرح السنة" للبغوي (٨/ ٣٦٤)، و"أحكام أهل الذمة" لابن القيم (٢/ ٨٢٩).