* وعلى مشروعيةِ الأذانِ أجمعَ المُسلمون، وتميز به المؤمنون، فكانَ (١) النبيَّ - ﷺ - إذا غَزا قَوْماً، فإنْ سمعَ نِداءً، لم يَغزُ، وإن لم يسمعْ، أغارَ (٢)، وفعلَه النبيُّ - ﷺ -، وأمرَ بهِ، حَضَراً وسَفَراً، فقال لمالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ ولصاحبه: "إذا كُنْتُما في سَفَرٍ، فَأَذِّنا، وأقيما، ولْيَؤُمَّكُما أَكْبَرُكُما" (٣).
* ثم اختلفوا في هذهِ المشروعية، هل هي على الوجوب، أو على الندب؟
فذهبَ الشافعيُّ وأبو حنيفةَ إلى أنه سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ للجماعة والمُنْفَرِدِ، وهو في حَقِّ الجَماعةِ آكَدُ؛ لأنه لم يكنْ في صدرِ الإسلامِ، وإنما شَرَعَهُ رسولُ اللهِ - ﷺ - لجمعِ الناسِ للصَّلاةِ، وإعلامِهم بها (٤).
وذهبُ (٥) مالِكٌ وبعضُ الشافعيةِ إلى أنه فرضُ عَيْنٍ في مَساجدِ الجَماعاتِ، ولم يَرَهُ على المنفردِ فَرْضاً ولا سُنَّةً (٦).

(١) في "ب": "وكان".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه البخاري (٢٦٩٣)، كتاب: الجهاد، باب: سفر الاثنين، ومسلم (٦٧٤)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أحق بالإمامة، بلفظ: "أذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما".
(٤) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٤١)، و"الهداية شرح البداية" للمرغيناني (١/ ٤١).
(٥) في "أ": "ومذهب".
(٦) ذكر ابن عبد البر قولين للمالكية في المسألة: الأول: أن الأذان واجب، والثاني: أنه سنة مؤكدة، وكذا حكي القولان عند الحنابلة. انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٣/ ٢٧٧)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ٢٥٠).


الصفحة التالية
Icon