لا تُسَمِّي ما لا يُؤْكَلُ صَيْداً، وقد سألَ عبدُ الرحمنُ بْنُ عُمارَةَ جابِرَ بنَ عبدِ اللهِ -رضيَ اللهُ تعالى عنه- عن الضَّبُعِ، فقالَ: أَصَيْدٌ هي؟ قال: نعم، قال: أفيها جزاءٌ؟ قال: نعم، كبشٌ، قلتُ: سمعتَ رسولَ الله - ﷺ -؟ قالَ: نعم (١).
فاكتفيا بذكرِ الصَّيْدِ عن ذكرِ الحلال؛ لتلازُمِهما.
وأما البيتُ، فإن صَحَّ من قولِ عليٍّ -رضيَ اللهُ تعالى عنه-، فهو دليلٌ على أن الصَّيْدَ ما يُؤْكَل لَحْمُه؛ كالثعالِبِ والأرانِبِ، وإنما أطلقَهُ على الأبطال تَجَوُّزاً؛ لأخذِه لهم كأخذِ الصائدِ الصيدَ.
ولكنِ الشافعيُّ ومالكٌ اختلَفا في تفصيلِ المأكولِ من غيره.
فَجَوَّزَ مالِكٌ أكلَ السِّباعِ؛ كالفَهْدِ والنَّمِرِ والذِّئْبِ، وسَمّاهُ صَيْداً (٢)، ولكنه جَوَّزَ قَتْلَها في الحَرَمِ والإحْرام؛ لوجودِ عِلَّةِ الفِسْقِ فيها، فتعارَضَ عندَهُ القِياسُ وعُمومُ الآية، فقَضى بالقياسِ على العُموم.
فإن قلتَ: فالشافعيُّ هلْ يُجَوِّزُ للمُحرِمِ قتلَ ما عدا الصيدَ؛ مِمَّا ليسَ بِفاسِقٍ ولا في معناه؟
(٢) لم يجوِّز مالك ولا أكثر المالكية أكل السباع، وإنما الذي جوزه بعض فقهائهم. انظر: "الموطأ" للإمام مالك (٢/ ٤٩٦)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٢٨٨)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٧/ ١١٨).