وخالفَ في ذلكَ أبو حنيفةَ، وقال: يجوزُ اصْطِيادُ صَيْدِها (١).
والجمهورُ على خلافِهِ؛ للحديثِ الصَّحيح (٢).
* وإنما اختلفوا في جزاءِ صيدِها.
فمنهم من أوجبه؛ كجزاءِ صيدِ مكة، ومنهم من أسقطَهُ، ومنهم من جَعَلَ الجَزاءَ سَلْبَ القاتلِ (٣).
١٢٥ - (٢٢) قوله تبارك وتعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المائدة: ٩٦].
* أقولُ: لما بَيَّنَ اللهُ سبحانه في الآيةِ الأولى قتلَ الصيدِ وجَزاءهُ، بينَ في هذهِ الآيةِ حُكْمَ الأكلِ، وبينَ حُكْمَ صيدِ البحرِ، ومَيَّزَ بينَه وبينَ صيدِ البر.
* أما صيدُ البَرِّ فَحُرِّمَ على المُحرِمِ أَكلُهُ؛ لقولهِ تعالى ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [المائدة: ٩٦]، وهذا مُطْلَقٌ في جميع الأحوال، سواءٌ صادَهُ مُحْرِم أو حَلالٌ.
وقد حُكِي عن جماعةٍ من السَّلَفِ العَملُ بظاهرِ الإطلاقِ.

(١) وقالوا: المقصود بالتحريم: التعظيم. انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٤/ ١٩١ - ١٩٦)، و "البحر الرائق" لابن نجيم (٣/ ٤٣).
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ٣٦٢)، و"التمهيد" لابن عبد البر (٦/ ٣١٣)، و"المحلى" لابن حزم (٧/ ٢٣٧).
(٣) الجمهور على أن لا جزاء فيه، وللشافعي في القديم أن جزاءه سلب القاتل وهو رواية عن أحمد. قال النووي: وهو المختار. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ٢٣٣)، و"المغني" لابن قدامة (٣/ ١٧١)، و "المجموع" للنووي (٧/ ٤٠٠).


الصفحة التالية
Icon