إذنِه ودِلالته، حَلَّ (١)؛ بدَلالةِ حديثِ أبي قَتادَةَ الثابتِ في "الصحيحين": أنه كانَ في قومٍ مُحرِمينَ، وهو حَلالٌ، فبينما هُم يسيرونَ، إذْ رَأَوْا حِمارَ وَحشٍ، فحملَ أبو قَتادةَ على الحُمُرِ، فَعَقَرَ منها أتانًا، فنزلْنا فأكلْنا من لحمِها، ثم قلنا: أنأكلُ لحمَ صيدٍ ونحنُ مُحرِمون؟ فحملْنا ما بقيَ من لحمِها، فأدركْنا رسولَ الله - ﷺ -، فسألْناه عن ذلكَ، فقال: "هل منكُم أحدٌ أمرَهُ أن يحمِلَ عليها، أو أَشار إليها؟ " فقالوا: لا، قال: "فكلوا ما (٢) بقي من لحمها" (٣).
وقال بعضُهم: يحرُم عليهِ إن صادَه أو صِيْدَ لأجلِه، سواءٌ كان بإذنِه أو بغيرِ إذنه، وبه قالَ مالِكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاق (٤)، واستدلُوا بما روى الترمِذِيُّ عن جابر -رضي الله عنه-؛ أن النبى - ﷺ - قال: "لَحمُ الصيدِ لكمْ حَلالٌ ما لم تصيدوهُ، أو يُصادَ لكم" (٥). قال أبو عيسى: هو أحسنُ حديثٍ في البابِ.
وتأول الشافعيُّ حديثَ الصعبِ بنِ جَثّامَةَ بأنه - ﷺ - ظَنَّ أنهُ صيدَ لأجلِه،

(١) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٢/ ١٧٥)، و"المبسوط" للسرخسي (٤/ ٨٧).
(٢) في "ب": "مما".
(٣) رواه البخاري (١٧٢٨)، كتاب: الإحصار وجزاء الصيد، باب: لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال، ومسلم (١١٩٦)، كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم.
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ١٢٤)، و"المجموع" للنووي (٧/ ٢٧١).
(٥) رواه الترمذي (٨٤٦)، كتاب: الحج، باب: ما جاء في أكل الصيد للمحرم، وأبو داود (١٨٥١)، كتاب: المناسك، باب: حل الصيد لمحرم، والنسائي (٢٨٢٧)، كتاب: المناسك، باب: إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال، والإمام الشافعي في "مسنده" (١٨٦)، والإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣٦٢).


الصفحة التالية
Icon