والظاهرُ نُزولُ الآيةِ جملةً واحدةً، وإن كان بعضُها قد ينزلُ دونَ بعضٍ كما بينتُه في كتابي هذا، والله أعلم.
* وأوجبَ اللهُ سبحانه إيتاء الحَقِّ يومَ الحَصاد، وجَعَلَهُ وقتَ الإيتاءِ، لا وقتَ لهُ غيره.
فإن قلتَ: فهل وقتُ الإيتاءِ وقتٌ لتعلُّقِ هذا الوجوب، أو يتقدَّمُ الوجوبُ عليه؟
قلنا: قالَ محمدُ بنُ مَسْلَمَةَ المالِكيُّ: وقتُ وجوبِ الإيتاءِ وقتُ وجُوب التَّعَلُّقِ؛ لقوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١].
وحكاه صاحبُ "التقريب" (١) قولًا للشافعيِّ؛ لأنه لو وَجَبَ، لما جازَ تأخيرُه.
ومذهبُ الشافعيّ ومالِكٍ وسائرِ المالكيةِ أنَّ وقتَ وجُوبِ التَّعَلُّقِ عندَ بُدُوِّ الصَّلاحِ (٢)؛ لأن النبيَّ - ﷺ - كانَ يَخْرُصُ النَّخْلَ حينَ يَبْدو صلاحُها، ويُضَمِّنُها أربابَها (٣)، ولأنه وقتُ اقْتياتِهِ الذي مَنَّ الله بهِ علينا، فهو واجِبٌ مُوَسَّعٌ كالصلاة، والإيتاءُ يومَ الحصادِ بيانٌ لما قد وَجَبَ يومَ الحَصاد.
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٣/ ٢١٧)، و"الشرح الكبير" للرافعي (٥/ ٥٨١)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٢٨٨)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٧/ ١٠٤).
(٣) سيأتي تخريج حديث النبي - ﷺ - في هذا.