بعدَها (١)؛ لأنه لا خِلافَ بينَ أهلِ العلمِ بالقرآنِ أن آيةَ الغنيمةِ نزلتْ بعدَ آيةِ الأنفال.
ويروى النسخُ عنِ ابنِ عَباسٍ، وعِكْرِمَةَ، والضَّحّاكِ، والشَعْبِيِّ (٢)، وبه قالَ الشافِعيُّ (٣)، وبه أقولُ.
ويدلُّ على التعارُضِ والنسخ قوله - ﷺ -: "ما لي مِمّا أفاءَ الله عليكُم إلا الخمسَ، والخمسَ مردودٌ فيكم" (٤).
ويدل له أيضًا: أن رسولَ اللهِ - ﷺ - لمّا سأله هوازنُ الهِبَةَ لِذرارِيهِمْ، قال لهم: "أَمّا نصيبي ونصيبُ بني عَبْدِ المُطلِبِ، فَلَكُمْ، وأنا مُكَلِّمٌ لَكُمُ الناسَ"، فسأل الناسَ، فأعْطَوْهُ، إلا عيينة بنَ بدرٍ، فقال: لا أتركُ حِصَّتي، فقال له رسول الله - ﷺ -: "أنت على حِصَتِك"، فوقعت في سَهْمِه امرأَةٌ عوراءُ منهم (٥).
وأما الجوابُ عَمَّا احتجَّ بهِ الأولون، فإن مكَّةَ فُتِحَتْ صُلْحًا، وإن غنائِمَ حُنينٍ كثيرةٌ، ولعل ذلكَ من سهمهِ - ﷺ -؛ بدليلِ ما قَدَّمْتُه، وما روي عنه - ﷺ - أنه قال: "للهِ خُمُسُها، وأربعةُ أَخْماسِها للجيش" قال: قلت: فما أَحَدٌ أَوْلى
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٩/ ١٦٥)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٦٥٣)، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٥٤١).
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٧/ ٣٥٢)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ١٦٤).
(٤) تقدام تخريجه.
(٥) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٨٤)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، بسياق نحوه.