قلنا:
أما قدرُه؛ فقد قال قومٌ: لا يزيدُ على الرُّبُعِ والثُّلُثِ؛ لما روى حبيبُ بنُ مسلمةَ: أن رسولَ الله - ﷺ - كان يُنَفِّلُ الرُّبُعَ للسرايا بعدَ الخُمُسِ في البَدْأَةِ، وينفِّلُهم الثلثَ بعدَ الخُمُسِ في الرِّجْعَةِ (١)، وبه قال أبو حنيفةَ (٢).
وقال الشافعيُّ: ليسَ في النفلِ حَدٌّ، بل هو إلى رأيِ الإمام (٣).
وأما مَحَلُّه:
فمن عملَ بآية الأنفال، فمحلُّه جميعُ الغنيمةِ، ورويَ (٤) عن الحسنِ، والأوزاعيِّ (٥)، وأحمدَ (٦).
ومن قالَ بنسخِها، فمحلُّه بعضُ الغنيمة.
ثم اختلفوا في ذلكَ البَعْضَ:
فقالَ مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو حنيفة في أحد قوليه: محلُّه الخمسُ (٧).
والصحيحُ من قوليهِ عندَ أصحابهِ أنَّ مَحلَّه خُمُسُ الخُمُس الواجبُ

(١) رواه أبو داود في "السنن" (٢٧٤٩).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٢٢٢)، و"الهداية شرح البداية" للمرغيناني (٢/ ١٤٩).
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٤/ ١٤٣)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ٤٠١).
(٤) في "ب": "ويروى".
(٥) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٤٥)، و"فتح الباري" لابن حجر (٦/ ٢٤٠).
(٦) انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ١٨٥).
(٧) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ٣٩٧)، و"التمهيد" لابن عبد البر (١٤/ ٥٦)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٨٩).


الصفحة التالية
Icon